كان جمداراً وأمره أستاذه وكان يتحقق أمانته فجعله مشد الدواوين فعمل الشد أعظم من الوزارة وتنوع في عذاب المصادرين من الكتاب وغيرهم وقتل بالمقارع وأحمى الطاسات وألبسها الناس وأحمى الدسوت وأجلسهم عليها وضرب الأوتاد في الآذان ودق القصب تحت الأظافير وبلغ شدد . وجاء لولو غلام فندش فأقامه السلطان معه فاتفقا على عقاب الناس وزاد البلاء في أيامهما على الكتاب وعلى الناس وسكنت روعته ومهابته في القلوب وكان الكاتب يدخل إليه وهو ميت وقاسي الناس منه البلاء العظيم . ولم يزل كذلك إلى أن غضب يوماً على لولو المذكور فأخذ العصا وضربه إلى أن هرب من قدامه وهو خلفه إلى باب القلعة البراني وخرب شاشه في رقبته فدخل لولو على النشو وعلى قوصون وبذل المال فاتفق أن كان الغلاء سنة ست وثلاثين وسبعمائة فقال له السلطان : يا الأكوز لا تدع أحداً يبيع الإردب بأكثر من ثلاثين درهماً وانزل إلى شون الأمراء وألزمهم بذلك ! .
فأول ما نزل إلى شونة قوصون وأمسك السمسار الذي له وضربه بالمقارع وأخرق بالأستاذدار فطلع إلى قوصون وشكا حاله إليه فطلبه وأنكر عليه فأساء عليه الرد فدخل إلى السلطان فأخرق السلطان بقوصون فأكمنها له وعمل عليه هو والنشو ولم يزالا عليه إلى أن غضب عليه السلطان ورماه قد امه وضربه بالعصي ورسم عليه أياماً ثم أخرجه إلى دمشق أميراً فوصل إليها وأقام بها قليلاً وتوفي سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة تقريباً .
حكى لي القاضي ضياء الدين ابن خطيب بيت الآبار قبل إمساك الأكوز بأربعة أشهر أو ما يقاربها أن بعض المشايخ حدثه أنه رأى النبي A في النوم وهو جالس في صدر الإيوان والسلطان أمامه واقفاً على رأس الدرج وهو ينكر عليه ويقول له : ما هؤلاء الظلمة الذين أقمتهم ؟ فقال : يا رسول الله من هم ؟ ثم توجه وغاب قليلاً وأتى بالأكوز فقال : اذبحه ! .
فاتكاه وأخذ يذبحه فقال له : خله الآن ! .
فما كان بعد أربعة أشهر حتى غضب عليه وجرى ما جرى .
أكيدر صاحب دومة الجندل .
أكيدر بن عبد الملك الكندي صاحب دومة الجندل أتي به إلى النبي A عام تبوك فأسلم . وقيل : بقي على نصرانيته وصالحه النبي A ويحنه بن رؤبة على دومة وتبوك وأيلة . وقيل : أسلم ثم ارتد إلى النصرانية لما قبض النبي A . وخرج من دومة الجندل فلحق بالحيرة وابتنى بها بناءً سماه دومة بدومة الجندل . فكتب أبو بكر Bه إلى خالد بن الوليد وهو بعين التمر يأمره أن يسير إلى أكيدر فسار إليه فقتله وفتح دومة ثم مضى إلى الشام . ذكر ذلك ابن عساكر في تاريخ دمشق .
ألب أرسلان صاحب حلب .
ألب رسلان ابن السلطان رضوان ابن السلطان تتش ابن ألب رسلان التركي ولي إمرة حلب بعد أبيه وله ست عشرة سنة وولي تدبير ملكه البابا لؤلؤ فقتل أخويه ملكشاه ومباركاً وجماعةً من الباطنية والقرامطة وقدم دمشق فتلقاه طغتكين والأعيان وأنزلوه القلعة وعاد إلى حلب وطغتكين في خدمته فلم ير ما يحب ففارقه . ثم إنه ساءت سيرته بحلب وانهمك على المعاصي واغتصاب الحرم وخافه البابا لؤلؤ فقتله ونصب أخاً له طفلاً عمره ست سنين ثم قتل لؤلؤ ببالس . وكانت قتلة ألب رسلان سنة ثمان وخمسمائة .
ألبقش السلاحي .
كان أميراً كبيراً ناب عن السلطان في المملكة ثم توهم منه فقبض عليه وحبسه بقلعة تكريت ثم أمر بقتله فعرف نفسه فأخرج من الماء وحز رأسه وحمل إليه سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة .
ألبكي .
الأمير فارس الدين