إسماعيل بن علي الإمام الفاضل السلطان الملك المؤيد عماد الدين أبو الفداء ابن الأفضل بن الملك المظفر ابن الملك المنصور صاحب حماة تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب بن شادي مات في الكهولة سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة وتملك بعده ولده الملك الأفضل محمد وقد تقدم ذكره في المحمدين . كان أميراً بدمشق وخدم السلطان الملك الناصر ابن المنصور لما كان في الكرك وبالغ في ذلك فوعده بحماة ووفى له بذلك وأعطاه حماة لما أمر لأسندمر بحلب بعد موت نائبها قبجق وجعله صاحبها سلطاناً يفعل فيها ما يختار من إقطاع وغيره ليس لأحدٍ من الدولة بمصر من نائب ووزير معه فيها حكم اللهم إلا إن جرد عسكر من مصر والشام جرد منها . وأركبه في القاهرة بشعار الملك وأبهة السلطنة ومشى الأمراء والناس في خدمته حتى الأمير سيف الدين أرغون النائب وقام له القاضي كريم الدين بكل ما يحتاج إليه في ذلك المهم من التشاريف والإنعامات على وجوه الدولة وغيرهم ولقبه الملك الصالح ثم بعد قليل لقبه الملك المؤيد . وكان في كل سنةٍ يتوجه إلى مصر بأنواع من الخيل والرقيق والجواهر وسائر الأصناف الغريبة هذا إلى ما هو مستمر في طول السنة مما يهديه من التحف والطرف . وتقدم السلطان الملك الناصر إلى نوابه بأن يكتبوا إليه يقبل الأرض وكان الأمير سيف الدين تنكز C تعالى يكتب إليه يقبل الأرض بالمقام الشريف العالي المولوي السلطاني الملكي المؤيدي العمادي وفي العنوان صاحب حماة ويكتب السلطان إليه أخوه محمد بن قلاوون أعز الله أنصار المقام الشريف العالي السلطاني الملكي المؤيدي العمادي بلا مولوي . وكان الملك المؤيد فيه مكارم وفضيلة تامة من فقه وطب وحكمة وغير ذلك وأجود ما كان يعرفه الهيئة لأنه أتقنه وإن كان قد شارك في سائر العلوم مشاركةً جيدةً وكان محباً لأهل العلم مقرباً لهم : أوى إليه أمين الدين الأبهري وأقام عنده ورتب له ما يكفيه وكان قد رتب لحمال الدين محمد بن نباتة كل سنة عليه ستمائة درهم . وهو مقيم بدمشق . عير ما يتحفه به . ونظم الحاوي في الفقه ولو لم يعرفه معرفةً جيدةً ما نظمه وله تاريخ مليح وكتاب الكناش مجلدات كثيرة وكتاب تقويم البلدان هذبه وجدوله وأجاد ما شاء وله كتاب الموازين جوده وهو صغير . ومات وهو في الستين . وله شعر ومحاسنه كثيرة ولما مات رثاه جمال الدين محمد بن نباتة بقصيدةٍ أولها من البسيط : .
ما للندى لا يُلبّي صوتَ داعيه ... أظنّ أنّ ابن شادٍ قام ناعيه .
ما للرجاء قد استدَّت مذاهبهُ ... ما للزمان قد اسودّت نواحيه .
نعى المؤيَّدَ ناعيه فيا أسَفا ... للغيث كيف غدت عنّا غواديه .
منها : .
هل لا بغيرِ عمادِ البيتِ حادثةٌ ... ألْقتْ ذُراه وأوهت من مبانيه .
هلاّ ثنى الدهرُ غرباً عن محاسنه ... فكان كوكبَ شرقٍ في لياليه .
منها : .
كان المديحً له عرس بدولته ... فأحسن الله للشعر العَزا فيه .
يا آلَ أيوب صبراً إنّ إرئكمُ ... من اسم أيوبَ صبرٌ كان ينحيه .
هي المنايا على الأقوام دائرةٌ ... كلٌّ سيأتيه منها دَوْرُ ساقيه .
ومنه يخاطب ابنه : .
ومِن أبيك تعلّمت الثناء فما ... تحتاج تُذْكَرُ أمراً أنت تدريه .
لا يخْشَ بيتُك أن يُلوي الزمان به ... فإنّ للبيت ربّاً سوف يحميه .
وتوجه في بعض السنين إلى مصر ومعه ولده الملك الأفضل محمد فمرض فجهز السلطان إليه جمال الدين إبراهيم ابن المغربي رئيس الأطباء وفكان يجيء إليه بكرةً وعشياً فيراه ويبحث معه في مرضه ويقرر الدواء ويطبخ الشراب بيده في دست فضة فقال : يا خوند أنت والله ما تحتاج إلي وما أجيء إلا امتثالاً لأمر السلطان . ولما عوفي أعطاه بغلةً بسرج ولجام وكنبوش زركش وتعبئة قماش وأظن فيما قيل لي عشرة آلاف درهم وقال : يا مولانا اعذرني فإني لما خرجت من حماة ما حسبت مرض هذا الابن فأمهلني حتى أتوجه إلى حماة ! .
ومدحه شعراء زمانه وأجازهم . ولما مات فرق كتبه على أصحابه ووقف منها جملة . ومن شعر الملك المؤيد من الكامل المرفل : .
إقرأ على طيب الحيا ... ة سلامَ صَبٍّ ذابَ حزُنا