فأمر له بألف ألف درهم فأريتها وقد أدخلت إلى دارنا يحملها مائة فراش . وحدّث إسحاق قال ذكر المعتصم يوماً وأنا بحضرته بعض أصحابه وقد غاب عنه فقالوا : تعالوا حتى نقول ما يصنع في هذا الوقت فقالوا كذا وقالوا كذا فبلغن النوبة إليّ فقال : قل يا إسحاق قلت : إذاً أقول فأصيب . قال : أتعلم الغيب قلت : لا ولكني أفهم ما يصنع وأقدر على معرفته . قال : فإن لم تصب ؟ قلت : فإن أصبت ؟ قال : لك حكمك وإن لم تصب قلت : لك دمي . قال وجب . قلت وجب . قال فقل : قلت يتنفس قال : فإن كان ميتاً ؟ قلت تحفظ الساعة التي تكلمت فيها فإن مات قبلها فقد قمرتني . قال : أنصفت . قلت : فالحكم قال : احتكم ما شئت قلت : ما أحتكم إلاّ رضاك يا أمير المؤمنين قال : فإن رضاي لك وقد أمرت لك بمائة ألف درهم أترى مزيداً ؟ قلت : ما أولاك يا أمير المؤمنين بذاك قال : فإنّها مائتا ألف أترى مزيداً ؟ قلت : ما أحوجني لذاك قال : ثلاثمائة ألف . أترى مزيداً ؟ قلت : ما أولاك بذاك يا أمير المؤمنين فقال : يا صفيق أحد من الخلفاء بمثل ما وصلني به الواثق ولا كان أحد يكرمني إكرامه ولقد غنّيته : .
لغلك إن طالت حياتك أن ترى ... بلاداً لها مبدىً لليلى ومحضر .
فاستعاده مني جمعةً لا يشرب على غيره ثم وصلني بثلاثمائة ألف درهم .
وما وصل إلى أحد من الخلفاء والبرامكة وغيرهم ما وصل إلى إسحاق وأخباره في الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني مطولة جداً وله أشعار رائقة منها قوله : .
إذا كانت الأحرار أصلي ومنصبي ... ودافع ضيمي خازم وابن خازم .
عطست بأنفٍ شامخٍ وتناولت ... يداي الثريا قاعداَ غير قائم .
وقوله : .
حننت إلى أصيبيةٍ صغار ... وشاقك منهم قرب المزار .
وأبرح ما يكون الشوق يوماً ... إذا دنت الديار من الديار .
وقوله : .
هل إلى نظرةٍ إليك سبيل ... يرو منها الصّدى ويشفى الغليل .
إن ما قلّ منك يكثر عندي ... وكثير ممن يحبّ القليل .
ومنه : .
أصبح نديمك أقداحاً يسلسها ... من الشّمول وأتبعها بأقداح .
من كفّ ريمٍ مليح الدلّ ريقته ... بعد الهجوع كمسك أو كتفاح .
لاأشرب الراح إلا من يدي رشاء ... تقبيل راحته أشهى من الراح .
وأشعار كثيرة مذكورة في الأغاني . ومولده سنة خمسين ومائة أو بعدها وتوفي سنة خمس وثلاثين ومائتين وله من التصانيف كتاب أغانيه التي غنّى . أخبار عزة الميلاء . أغاني معبد . أخبار عجرد أخبار حنين الحيري . أخبار ذي الرمة . أخبار طويس . أخبار المغنين المكيين . أخبار سعد بن مسجح . أخبار الدلال . أخبار محمد ابن عائشة . أخبار الأجرد . أخبار ابن صاحب الوضوء . الاختيار من الأغاني للواثق . اللحظ والإشارات . الشراب جواهر الكلام . الرقص والزّفن . النغم والإيقاع أخبار الهذليين . الرسالة إلى علي بن هشام . قيان الحجاز . القيان . النوادر المتخيرة . الأخبار والنوادر أخبار حسان . أخبار الأحوص . أخبار جميل . أخبار كثيّر . أخبار نصيب أخبار عقيل ابن علّفة . أخبار ابن هرمة . وأولاده حميد وحماد وحامد وإبراهيم وفضل .
وكان إسحاق قد سأل الله تعالى أن لا يميته بعلة القولنج لما رأى ما لاقى منه أبوه إبراهيم لأنه مات به . فرأى في منامه : قد أجيبت دعوتك ولست تموت بالقولنج بل بغيره بل بضدّه فأخذ لما مات الذّرب . وكان يتصدق عن كل يوم يعجز فيه عن الصلاة بمائة درهم ولما مات رثاه مصعب الزبيري فقال : .
تجهز إسحاق إلى الله غادياً ... فلله ما ضمّت عليه اللفائف .
وما حمل النّعش المسجّى عشيةً ... إلى القبر إلا دامع العين لاهف .
جزيت جزاء المحسنين مضاعفاً ... كما أنّ جدواك النّدى المتضاعف .
وفيه يقول ابن سيابة : .
توفي الموصلي فقد تولت ... سياسات المعازف والقيان .
ستبكيه المعازف والملاهي ... وتسعدهن أغطية الدنان .
وتبكيه الغواني كلّ يوم ... ولا تبكيه تالية القران .
؟ ؟ البربري المحرر