أحمد بن يحين بن فضل الله بن المجلي دعجان بن خلف ابن أبي الفضل نصر بن منصور بن عبيد الله بن عدي بن محمد ابن أبي بكر عبد الله بن عبيد الله ابن أبي بكر بن عبيد الله الصالح ابن أبي سلمة عبد الله بن عبي الله بن عبد الله ابن عمر بن الخطاب القاضي شهاب الدين أبو العباس ابن القاضي أبي المعالي محيي الدين القرشي العدوي العمري . هو الإمام الفاضل البليغ المفوّه الحافظ حجة الكتاب إمام أهل الآداب . أحد رجالات الزمان كتابة وترسُّلاً وتوصُّلاً إلى غايات المعالي وتوسُّلاً . وإقداماً عل الأسود في غابها وإرغاماً لأعاديه بمنع رغابها . يتوقد ذكاء وفطنة ويتلهب ويحدر سيله ذاكرة وحفظاً ويتصبب . ويتدفَّق بحره بالجواهر كلاماً ويتألق إنشاؤه بالبوارق المتسرّعة نظاماً . ويقطر كلام فصاحة وبلاغة وتندى عبارته انسجاماً وصياغة . وينظر إلى غيب المعاني من ستر رقيق ويغوص في لجة البيان فيظفر بكبار الدُّرِّ من البحر العميق . استوت بديهته وارتجاله وتأخر عن فروسيته من هذا الفن رجاله . يكتب من رأس قلمه بديهاً ما يعجز تروِّي القاضي الفاضل أن يدانيه تشبيهاً . وينظم من المقطوع والقصيدة جوهراً ما يخجل الروض الذي باكره الحيا مزهراً . صرَّف الزمان أمراً ونهياً ودبر الممالك تنفيذاً ورأياً . وصل الأرزاق بقلمه ورويت تواقيعه وهي إسجالات حكمه وحكمه . لا أرى أن اسم الكاتب يصدق على غيره ولا يطلق على سواه : .
لا يعمل القول المك ... رَّر منه والرأي المردَّد .
ظن يصيب به الغيو ... ب إذا توخّى أو تعمَّد .
مثل الحسام إذا تألَّ ... ق والشهاب إذا توقَّد .
كالسيف يقطع وهو مس ... لول ويرهب حين يغمد .
ولا أعتقد أن بينه وبين القاضي الفاضل من جاء مثله على أنه قد جاء مثل تاج الدين ابن الأثير ومحيي الدين ابن عبد الظاهر وشهاب الدين محمود وكمال الدين ابن العطّار وغيرهم . هذا إلى ما فيه من لطف أخلاق وسعة صدر وبشر محيا . رزقه الله أربعة أشياء لم أرها اجتمعت في غيره وهي : الحافظة قلَّما طالع شيئاً إلا وكان مستحضراً لأكثره والذاكرة التي إذا أراد ذكرى شيء من زمن متقدم كان ذلك حاضراً كأنه إنما مرَّ به بالأمس والذكاء الذي تسلط له على ما أراد وحسن القريحة في النظم والنثر . أمّا نثره فلعلّه في ذروةٍ كان أوج الفاضل لها حضيضاً ولا أرى أحداً فيه جودة وسرعة عمل لما يحاوله في أي معنى أراد وأي مقام توخاه . وأما نظمه فلعلّه لا يلحقه فيه إلاّ الأفراد