فأقول النسب هو الإضافة لأن النسب إضافة شيء إلى بلد أو قرية أو صناعة أو مذهب أو عقدية أو علم أو قبيلة أو والد كقولك مصري أو مزي أو منجنيقي أو شافعي أو معتزلي أو نحويأ وزهري أو خالدي فهذا المعنى إنما هو إضافة . ولهذا كان النحاة الأقدمون يترجمونه بباب الإضافة وإنما سميته نسباً لأنك عرفته بذلك كما تعرف الإنسان بآبائه وإنما زيد عليه حرف لنقله إلى المعنى الحادث عليه طرداً للقاعدة في التأنيث والتثنية والجمع . فإن قلت لأي شيء اختصت الياء دون اختيها الواو والألف والكل من حروف المد واللين قلت لأن لانسب قد تقرر أنه إضافة شيء إلى شيء في المعنى وأثر الإضافة في الثاني الجر والكسرة من جنس الياء فناسب زيادة الياء دون الواو والألف فأعرفه . فإن قلت فلأي شيء شد دوا ياء النسب قلت لأن النسب أبلغ في المعنى من الإضافة فشددوا للدلالة على المعنى لأنهم قالوا صرصر البازي وصر الجندب . فإن قلت فلأي شيء كسروا ما قبلها قلت توطيداً لها واعتناءً بأمرها لأن الياء لا يكون ما قبلها إلا من جنسها إذا نسبت إلى الاسم الصحيح الثلاثي المفرد أقررته على بنايه فتقول بكري وعمري إلا أن يكون مكسور العين فتقول نمري ومعدي وابلي ودؤلي نسبة إلى نمر ومعدة وابل ودؤل فتفتح الميم والعين والباء والواو وإنما فعلوا ذلك فراراً من توالي الكسرات . وإذا نسبت إلى رباعي أو خماسي أقررته على بنائه وزدته ياء النسب فتقول أحمدي وسفرجلي نسبة إلى أحمد وسفرجل . فإن كانت عين الرباعي مكسورة مثل تغلب ويثرب ومغرب ومشرق قلت تغلبي ويثربي ومشرقي بكسر ثالثه وعند المبرد الفتح مطرد وعند سيبويه مقصور على السماع . وإذا نسبت إلى معتل الطرف محذوف لزمك في النسب رد ما حذف منه فتقول أخوي وأبوي وذووي وعموي وغدوى وعضوى نسبة الى أخ و أب وذو بمعنى صاحب وعم وعد وعضة لأنهم قالوا في التثنية أخوان وأبوان وعميان . فان كان المنسوب إليه لم يرد إليه ما حذف منه بالتثنية فأنت بالخيار إن شئت رددته وإن شئت حذفته فتقول يدي ودمي ويدوي ودموي نسبة إلى يد ودم لأنهم قالوا يدان ودمان . فإن كان في الاسم تاء الحاق في آخره أو همزة وصل في أوله فإنك تحذفهما فتقول اخوي وبنوي نسبة إلى أخت وبنت وابن كما قلت في مذكريهما وهمزة الوصل إن لم تحذفها لم ترد المحذوف وإن حذفها لزمك ردها فتقول ابني وبنوي وسموي واسمي . فإذا كان المنسوب إليه حرفين لا ثالث لهما ولم يكن الثاني حرف لين جاز لك التضعيف وعدمه فتقول كمي وكمي بتخفيف الميم وتشديدها نسبة إلى كم فإن كان الثاني حرف لين وجب تضعيفه فتقول فيوى ولووي نسبة إلى في ولو فإن كان حرف اللين ألفا ضوعف وأبدلت الثانية همزة ثم أوليت ياء النسبة فتقول لأتى نسبة إلى لا يجوز قلب الهمزة واواً فتقول لاوى . وإذا نسبت إلى محذوف الأول سليم الآخر لم ترد إليه المحذوف فتقول صفي وعدي نسبة إلى صفة وعدة ولك الخيار في الصحيح تقول بثي وقلي وثبوي وقلوب كما قلت في دم . فإن كان معتل الآخر وجب الرد فتقول وشوى وحرحى بكسر الواو وفتح الشين نسبة إلى شية وحر وفي لغة لغي ولغوي . فإذا نسبت إلى مضاعف الثاني لم تفكه فتقول ربي ولا تقول رببي نص عليه سيبويه . فإذا نسبت إلى المقصور حذفت ألفه خامسة فصاعداً ورابعة إذا تحرك ثاني ما هي فيه فتقول حبارى وجمزى نسبة إلى حبارى وجمزى وإن كانت الألف رابعة وسكن ثاني ما هي فيه جاز لك حذفها وقلبها واواً مباشرة للياء أو مفصولة بألف فتقول حبلى وحبلوى وحبلاوى نسبة إلى حبلى ودنيوي ودنياوي نسبة إلى دنيا والمختار الأول . وإذا نسبت إلى المقصور الثلاثي قلبت الألف واواً فتقول قفوي ورحوي وعصوي نسبة إلى قفا ورحى وعصا . وإذا نسبت إلى المنقوص حذفت ياءه إن كانت خامسة فصاعداً كقولك معتدى نسبة إلى معتد فإن كانت رابعة جاز حذفها وقلبها واواً كقولك قاضي وقاضوي نسبة إلى قاض والحذف هو المختار قال الشاعر في لغة القلب .
وكيف لا بالشرب إن لم يكن لنا ... دراهم عند الحانوي ولا نقد