توجه من قوص إلى أرمنت لزيارة ابنته فتوفى بها C سنة اثنتين وستين وستمائة .
أبو العباس ولاّد النحوي .
أحمد بن محمد بن الوليد بن محمد يعرف بولاّد من أهل بيت علم وكنيته أبو العباس . توفي سنة اثنتين وثلاثمائة وكان بصيراً بالنحو أستاذاً فيه رحل إلى بغداذ من وطنه مصر ولقي إبراهيم الزجاج وغيره وكان الزجاج يقدمه ويفضله على أبي جعفر النحاس وكانا تلميذيه وكان الزجاج لا يزال يثني عليه عند كل من يقدم بغداذ من مصر ويقول لهم : لي عندكم تلميذ من حاله وصفته فيقال له : أبو جعفر فيقول : بل أبو العباس ابن ولاّد . قال : وجمع بعض ملوك مصر بين ابن ولاّد والنحاس وأمرهما بالمناظرة . فقال النحاس لابن ولاّد كيف تبني مثال افعلوت من رميت فقال ابن ولاّد أقول ارمييت فخطّأه أبو جعفر وقال : ليس في كلام العرب افعلوت ولا افعليت . فقال ابن ولاّد إنما سألتني أن أمثل لك بناء ففعلت . قال الزبيدي : ولقد أحسن في قياسه حين قلب الواو ياءً وقد كان أبو الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش يبني من الأمثلة ما لا مثال له في كلام العرب . وله المقصور والممدود والانتصار لسيبوسه فيما ذكره المبّرد . وقد تقدم ذكر والده في المحمدين .
ابن الحلاوي الموصلي .
أحمد بن محمد ابن أبي الوفاء ابن الخطاب محمد بن الهزبر الأديب الكبير شرف الدين أبو الطيب ابن الحلاوي الرّبعي الشاعر الموصلي الجندي . ولد سنة ثلاث وستمائة وقال الشعر الجيد الفائق ومدح الخلفاء والملوك وكان في خدمة بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل . روى عنه الدّمياطي وغيره وكان من ملاح الموصل وفيه لطف وظرف وحسن عشرة وخفة روح وله القصائد الطنانة التي رواها الدّمياطي عنه في معجمه . توفي سنة ست وخمسين وستمائة .
ومما رواه الشيخ شرف الدين الدمياطي في معجمه له : .
حكاه من الغصن الرطيب وريقه ... وما الخمر إلاّ وجنتاه وريقه .
هلال ولكن أفق قلبي محله ... غزال ولكن سفح عيني عقيقه .
وأسمر يحكي الأسمر اللّدن قدّه ... غدا راشقاً قلب المحبّ رشيقه .
على خدّه جمر من الحسن مضرم ... يشب ولكن في فؤادي حريقه .
أقر له من كلّ حسنٍ جليله ... ووافقه من كلّ معنّى دقيقه .
بديع التثني راح قلبي أسيره ... على أنَّ دمعي في الغرام طليقه .
على سالفيه للعذار جديده ... وفي شفتيه للسلاف عتيقه .
يهدّد منه الطّرف من ليس خصمه ... ويسكر منه الريق من لا يذوقه .
على مثله يستحسن الصبُّ هتكه ... وفي حبّه يجفو الصديق صديقه .
من التّرك لا يصبيه وجد إلى الحمى ... ولا ذكر بانات الغوير يشوقه .
ولا حلّ في حيٍّ تلوح قبابه ... ولا سار في ركبٍ يساق وسيقه .
ولا بات صبّاً بالفريق وأهله ... ولكن إلى خاقان يعزى فريقه .
له مبسم ينسي المدام بريقه ... ويخجل نوّار الأقاحي بريقه .
تداويت من حرّ الغرام ببرده ... فأضرم من حرّ الحريق رحيقه .
إذا خفق الرق اليمانيّ موهناً ... تذكرّته فاعتاد قلبي خفوقه .
حكى وجهه بدر السماء فلو بدا ... مع البدر قال الناس هذا شقيقه .
رآني خيالاً حين وافى خياله ... فأطرق من فرط الحياء طروقه .
فأشبهت منه الخصر سقماً فقد غدا ... يحمّلني كالخصر ما لا أطيقه .
فما بال قلبي كلّ حبٍّ يهيجه ... وحتّام طرفي كلّ حسنٍ يروقه .
فهذا ليوم البين لم تطف ناره ... وهذا فبعد البعد ماجفّ موقه .
ولله قلبي ما أشدَّ عفافه ... وإن كان طرفي مستمراً فسوقه .
أرى الناس أضحوا جاهليّة ودَّه ... فما باله عن كلّ صبٍّ يعوقه .
فما فاز إلاّ من يبيت صبوحه ... شراب ثناياه ومنها غبوقه .
وقال : .
أألقى من خدودك في جحيم ... وثغرك كالسّراط المستقيم .
وأسهدني لديك رقيم خدٍّ ... فواعجبا أأسهر بالرَّقيم .
منها :