- قال أبو بكر : إني لا آسي على شيء من الدنيا إلا على ثلاث فعلتهن وددت لو أني تركتهن . وثلاث تركتهن وددت لو أني فعلتهن وثلاث وددت أني سألت عنهن رسول الله A .
فأما الثلاث اللاتي وددت أني تركتهن فوددت أني لم أكشف بيت فاطمة عن شيء وإن كانوا قد غلقوه على الحرب ووددت أني لم أكن حرقت الفجاءة السلمى ( 1 ) وأني كنت قتلته سريحا أو خليته نجيحا . ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قد قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين ( يريد عمر وأبا عبيدة ) فكان أحدهما أميرا وكنت وزيرا .
أما اللاتي تركتهن فوددت أني يوم أتيت بالأشعث بن قيس أسيرا كنت ضربت عنقه فإنه تخيل إلي أنه لا يرى شرا إلا أعان عليه . ووددت أني حين سيرت خالد بن الوليد إلى أهل الردة كنت أقمت بذي القصة فإن ظفر المسلمون ظفروا وإن هزموا كنت بصدد لقاء أو مدد أو وددت أني كنت إذ وجهت خالد بن الوليد إلى الشام كنت وجهت عمر بن الخطاب إلى العراق فكنت بسطت يدي كلتيهما في سبيل الله ومد يديه .
ووددت أني كنت سألت رسول الله A لمن هذا الأمر فلا ينازعه أحد ووددت أني كنت سألته هل للأنصار في هذا الأمر نصيب ووددت أني كنت سألته عن ميراث ابنة الأخ والعمة فإن في نفسي منهما شيئا .
_________ .
( 1 ) واسمه إياس بن عبد ياليل . والسبب الذي دعاه أبا بكر إلى حرقه وهو أنه جاء إليه فقال أعني بالسلاح أقاتل به أهل الردة فأعطاه سلاحا وأمره إمرة فخالف إلى المسلمين وخرج حتى نزل بالجواء وبعث نجبة بن أبي الميثاء من بني الشريد وأمره بالمسلمين فشن الغارة على كل مسلم في سليم وعامر وهوازن فبلغ ذلك أبا بكر فأرسل إلى طريفة بن حاجز فأمره أن يجمع له ويسير إليه وبعث إليه عبد الله بن قيس الجاسي عونا غنهضا إليه وطلباه فلاذ منهما ثم لقياه على الجواء فاقتتلوا وقتل نجبة وهرب الفجاءة فلحقه طريفة فأسره ثم بعث به إلى أبي بكر . فلما قدم أمر أبو بكر أن توقد له نار في مصلى المدينة ثم رمى به مقموطا . فهذا الذب ندم أبو بكر على حرقه وود لو قتله أو خلى سبيله