- ثم خرج ( جرجة ) حتى كان بين الصفين ونادى ليخرج إلي خالد فخرج إليه خالد وأقام أبا عبيدة مكانه فواقفه بين الصفين حتى اختلفت أعناق دابتيهما وقد أمن أحدهما صاحبه فقال جرجة : .
( يا خالد أصدقني ولا تكذبني فإن الحر لا يكذب ولا تخادعني فإن الكريم لا يخادع أنشدك بالله هل أنزل الله على نبيكم سيفا من السماء فأعطاكه فلا تسله على قوم إلا هزمتهم ؟ ) .
قال : ( لا ) .
قال : فبم سميت سيف الله ؟ .
قال : إن الله D بعث فينا نبيه A فدعانا فنفرنا عنه ونأينا عنه جميعا ثم إن بعضنا صدقه وتابعه وبعضنا باعده وكذبه فكنت فيمن باعده وكذبه وقاتله ثم إن الله أخذ بقلوبنا ونواصينا وفهدانا به فتبعناه فقال : أنت سيف من سيوف الله سله الله على المشركين ودعا لي بالنصر فسميت سيف الله بذلك فأنا من أشد المسلمين على المشركين .
- صدقتني .
ثم أعاد عليه جرجة : .
- يا خالد . أخبرني إلام تدعوني ؟ .
- إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله والإقرار بما جاء من عند الله .
- فمن لم يجبكم ؟ .
- فالجزية ونمنعه .
- فإن لم يعطها ؟ .
- نؤذنه بحرب ثم نقاتله .
- فما منزلة الذي يدخل فيكم ويجيبكم إلى هذا الأمر اليوم ؟ .
- منزلتنا واحدة فيما افترض الله علينا شريفنا ووضيعنا وأولنا وآخرنا .
ثم أعاد عليه جرجة : .
- هل لمن دخل فيكم اليوم يا خالد مثل ما لكم من الأجر والذخر ؟ .
- نعم وأفضل .
- كيف يساويكم وقد سبقتموه ؟ .
- إنا دخلنا في هذا الأمر وبايعنا نبينا A وهو حي بين أظهرنا تأتيه أخبار السماء ويخبرنا بالكتب ويرينا الآيات وحق لمن رأى ما رأينا وسمع ما سمعنا أن يسلم ويبايع وإنكم أنتم لم تروا ما رأينا ولم تسمعوا ما سمعنا من العجائب والحجج فمن دخل في هذا الأمر منكم بحقيقة ونية كان أفضل منا .
- بالله لقد صدقتني ولم تخادعني ولم تألفني ؟ .
- بالله لقد صدقتك وما بي إليك ولا إلى أحد منكم وحشة وإني لو لي ما سألت عنه .
- صدقتني .
ثم قلب جرجة الترس ومال مع خالد . وقال : علمني الإسلام فمال به خالد إلى فسطاطه فشن عليه قربة من ماء ثم صلى جرجة ركعتين وحملت الروم مع انقلابه على خالد إذ كانوا يظنون أن جرجة يحمل على المسلمين فأزالوا المسلمين عن مواقفهم فركب خالد معه جرجة والروم خلال المسلمين فتنادى الناس فثابوا وتراجعت الروم على مواقفهم