ولكن عقيب ما كشف الله عن البصيرة وجاد بنور الهداية بادرت إلى الانضمام إلى زمرة الحق .
وأما قوله إنه كما حدث له هذا عقلا فربما حدث له عقل آخر يريه أن ما هو عليه باطل .
فجوابه أن هذا تمثيل فاسد وكلام مختل لأن هذا الإعتراض إنما يرد على من انتقل إلى دين ببحث ونظر ثم انتقل عن الدين الثاني إلى دين ثالث ببحث آخر ونظر آخر لا على من نبذ المحالات التي حصلت في وهمه بالتلفق من الآباء في الطفولة وأنس بها واعتادها من غير أن تصح عنده ببحث ونظر ثم انه لما اتفق له اعمال الفكر والبحث أداه العقل والأدلة الصحيحة إلى الحق لأن ذلك المهجور المتروك لم يؤده إليه نظر .
فكيف يلزمه ما ذكر من الشبهة .
وأما قوله : هل بحث عن جميع المذاهب فانه لا حاجة لي إلى ذلك لأن الحق في جهة واحدة وليس بمتعدد .
فلما قادني الدليل إلى المذهب الحق لزم من صحته بطلان سائر المذاهب المخالفة له من غير حاجة إلى الإطلاع على جميع ما حرره أربابها .
وأما قوله لو بحث لعلم أن الحق في غير ما هو عليه فهو محال لأن الحق لا يتعدد .
وأما سؤاله عن ما الطريق الذي صحت به عندي دعوة المصطفى فإن شهادة هذه الأمم العظيمة بنبوته مع المعجز الأعظم الذي لم يبار فيه وهو فصاحة القرآن دلني على ذلك وأكد ذلك إشارات فهمتها من التوراة دلت عليه إلا أن الأول هو الأصل في الدلالة