عن الانفال قل الانفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين وقد ذكرنا في سبب نزول هذه الآية آثارا أخر يطول بسطها ههنا ومعنى الكلام أن الانفال مرجعها إلى حكم الله ورسوله يحكما فيها بما فيه المصلحة للعباد في المعاش والمعاد ولهذا قال تعالى قل الانفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين ثم ذكر ما وقع في قصة بدر وما كان من الامر حتى انتهى إلى قوله واعلموا أنما غنمتم من شيء فان لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل الآية فالظاهر أن هذه الآية مبينة لحكم الله في الانفال الذي جعل مرده اليه وإلى رسوله A فبينه تعالى وحكم فيه بما أراد تعالى وهو قول أبي زيد وقد زعم أبو عبيد القاسم بن سلام C أن رسول الله A قسم غنائم بدر على السواء بين الناس ولم يخمسها ثم نزل بيان الخمس بعد ذلك ناسخا لما تقدم وهكذا روى الوالبي عن ابن عباس وبه قال مجاهد وعكرمة والسدي وفي هذا نظر والله أعلم فان في سياق الآيات قبل آية الخمس وبعدها كلها في غزوة بدر فيقتضي أن ذلك نزل جملة في وقت واحد غير متفاصل بتأخر يقتضي نسخ بعضه بعضا ثم في الصحيحين عن علي Bه أنه قال في قصة شار فيه الذين اجتب أسنمتهما حمزة إن إحداهما كانت من الخمس يوم بدر ما يرد صريحا على أبي عبيد أن غنائم بدر لم تخمس والله أعلم بل خمست كما هو قول البخاري وابن جرير وغيرهما وهو الصحيح الراجح والله أعلم فصل .
في رجوعه عليه السلام من بدر إلى المدينة وما كان من الامور في مسيره اليها مؤيدا منصورا عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام وقد تقدم أن الوقعة كانت يوم الجمعة السابع عشر من رمضان سنة اثنتين من الهجرة وثبت في الصحيحين أنه كان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاثة ايام وقد أقام عليه السلام بعرصة بدر ثلاثة ايام كما تقدم وكان رحيله منها ليلة الاثنين فركب ناقته ووقف على قليب بدر فقرع أولئك الذين سحبوا اليه كما تقدم ذكره ثم سار عليه السلام ومعه الاسارى والغنائم الكثيرة وقد بعث عليه السلام بين يديه بشيرين إلى المدينة بالفتح والنصر والظفر على من أشرك بالله وجحده وبه كفر أحدهما عبد الله بن رواحة إلى أعالي المدينة والثاني زيد بن حارثة إلى السافلة قال أسامة بن زيد فاتانا الخبر حين سوينا [ التراب ] على رقية بنت رسول الله A وكان زوجها عثمان بن عفان Bه قد احتبس عندها بمرضها بامر رسول الله A وقد ضرب له رسول الله بسهمه وأجره في بدر قال أسامة فلما قدم أبي زيد بن حارثة جئته وهو