جميع الخلق في ذلك عنده شرع سواء وتسلط عليه وعلى من اتبعه من آحاد الناس من ضعفائهم الأشداء الاقوياء من مشركي قريش بالأذية القولية والفعلية وكان من أشد الناس عليه عمه أبو لهب واسمه عبد العزى بن عبد المطلب وامرأته أم جميل أروى بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان وخالفه في ذلك عمه أبو طالب بن عبد المطلب وكان رسول الله A أحب خلق الله اليه طبعا وكان يحنو عليه ويحسن اليه ويدافع عنه ويحامي ويخالف قومه في ذلك مع أنه على دينهم وعلى خلتهم إلا أن الله تعالى قد امتحن قلبه بحبه حبا طبعيا لا شرعيا وكان استمراره على دين قومه من حكمة الله تعالى ومما صنعه لرسوله من الحماية إذ لو كان أسلم أبو طالب لما كان له عند مشركي قريش وجاهة ولا كلمة ولا كانوا يهابونه ويحترمونه ولاجترؤا عليه ولمدوا أيديهم وألسنتهم بالسوء اليه وربك يخلق ما يشاء ويختار وقد قسم خلقه أنواعا وأجناسا فهذان العمان كافران أبو طالب وأبو لهب ولكن هذا يكون في القيامة في ضحضاح من نار وذلك في الدرك الأسفل من النار وأنزل الله فيه سورة في كتابه تتلى على المنابر وتقرأ في المواعظ والخطب تتضمن أنه سيصلى نارا ذات لهب وامرأته حمالة الحطب قال الامام أحمد حدثنا ابراهيم بن أبي العباس حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال أخبر رجل يقال له ربيعة بن عباد من بني الديل وكان جاهليا فاسلم قال رأيت رسول الله A في الجاهلية في سوق ذي المجاز وهو يقول يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا والناس مجتمعون عليه ووراءه رجل وضيء الوجه أحول ذو غديرتين يقول إنه صابئ كاذب يتبعه حيث ذهب فسألت عنه فقالوا هذا عمه أبو لهب ثم رواه هو والبيهقي من حديث عبد الرحمن بن أبي الزناد بنحوه وقال البيهقي أيضا حدثنا أبو طاهر الفقيه حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن القطان حدثنا أبو الأزهر حدثنا محمد بن عبد الله الانصاري حدثنا محمد بن عمر عن محمد بن المنكدر عن ربيعة الديلي قال رأيت رسول الله A بذي المجاز يتبع الناس في منازلهم يدعوهم إلى الله ووراءه رجل أحول تقد وجنتاه وهو يقول أيها الناس لا يغرنكم هذا عن دينكم ودين آبائكم قلت من هذا قيل هذا أبو لهب ثم رواه من طريق شعبة عن الاشعث بن سليم عن رجل من كنانة قال رأيت رسول الله A بسوق ذي المجاز وهو يقول يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا واذا رجل خلفه يسفي عليه التراب واذا هو أبو جهل واذا هو يقول يا أيها الناس لا يغرنكم هذا عن دينكم فانما يريد أن تتركوا عبادة اللات والعزى كذا قال أبو جهل والظاهر أنه أبو لهب وسنذكر بقية ترجمته عند ذكر وفاته وذلك بعد وقعة بدر إن شاء الله تعالى .
وأما أبو طالب فكان في غاية الشفقة والحنو الطبيعي كما سيظهر من صنائعه وسجاياه واعتماده