وبئر طغت بالماء من مس سهمه ... ومن قبل لم تسمح بمذقة شارب ... وضرع مراه فاستدر ولم يكن ... به درة تصغي إلى كف حالب ... ونطق فصيح من ذراع مبينة ... لكيد عدو للعداوة ناصب ... وإخباره بالأمر من قبل كونه ... وعند بواديه بما في العواقب ... ومن تلكم الآيات وحي أتي به ... قريب المآني مستجم العجائب ... تقاصرت الأفكار عنه فلم يطع ... بليغا ولم يخطر على قلب خاطب ... حوى كل علم واحتوى كل حكمة ... وفات مرام المستمر الموارب ... أتانا به لا عن رؤية مرتيء ... ولا صحف مستمل ولا وصف كاتب ... يواتيه طورا في إجابة سائل ... وإفتاء مستفت ووعظ مخاطب ... واتيان برهان وفرض شرائع ... وقص احاديث ونص مآرب ... وتصريف أمثال وتثبيت حجة ... وتعريف ذي جحد وتوقيف كاذب ... وفي مجمع النادي وفي حومة الوغى ... وعند حدوث المعضلات الغرائب ... فيأتي على ما شئت من طرقاته ... قويم المعاني مستدر الضرائب ... يصدق منه البعض بعضا كأنما ... يلاحظ معناه بعين المراقب ... وعجز الورى عن أن يجيئوا بمثل ما ... وصفناه معلوم بطول التجارب ... تأتى بعبد الله أكرم والد ... تبلج منه عن كريم المناسب ... وشيبة ذي الحمد الذي فخرت به ... قريش على أهل العلى والمناصب ... ومن كان يستسقي الغمام بوجهه ... ويصدر عن آرائه في النوائب ... وهاشم الباني مشيد افتخاره ... بغر المساعي وامتنان المواهب ... وعبد مناف وهو علم قومه اشتطاط ... الأماني واحتكام الرغائب ... وإن قصيا من كريم غراسه ... لفي منهل لم يدن من كف قاضب ... به جمع الله القبائل بعد ما ... تقسمها نهب الاكف السوالب ... وحل كلاب من ذرى المجد معقلا ... تقاصر عنه كل دان وغائب ... ومرة لم يحلل مريرة عزمه ... سفاه سفيه أو محوبة حائب ... وكعب علا عن طالب المجد كعبه ... فنال بأدنى السعي أعلا المراتب ... وألوى لؤي بالعداة فطوعت ... له همم الشم الانوف الأغالب ... وفي غالب بأس أبي البأس دونهم ... يدافع عنهم كل قرن مغالب