وتذل من تشاء الاية ووجد على حجر بالحميرية فقرئت للمأمون فإذا مكتوب ... ما اختلف الليل والنهار ولا ... دارت نجوم السماء في الفلك ... إلا لنقل النعيم من ملك ... قد زال سلطانه إلى ملك ... وملك ذي العرش دائم أبدا ... ليس بفان ولا بمشترك ... .
وروى عن سليمان بن عبد الملك بن مروان انه خرج يوما لصلاة الجمعة وكان سوى الخلق حسنة وقد لبس حلة خضراء وهو شاب ممتلئ شبابا وينظر في اعطافه ولباسه فأعجبه ذلك من نفسه فلم بلغ إلى صرحة الدار تلقته جنية في صورة جارية من حظاياه فأنشدته ... أنت نعم لو كنت تبقي ... غير أن لا حياة للآنسان ... ليس فيما علمت فيك عيب ... يذكر غير أنك فإن ... .
فصعد المنبر الذي في جامع دمشق وخطب الناس وكان جهوري الصوت يسمع أهل الجامع وهو قائم على المنبر فضعف صوته قليلا قليلا حتى لم يسمعه أهل المقصورة فلما فرغ من الصلاة حمل إلى منزله فاستحضر تلك الجارية التي تبدت تلك الجنية على صورتها وقال كيف انشدتيني تينك البيتين فقالت ما أنشدتك شيئا فقال الله أكبر نعيت والله إلى نفسي فأوصى أن يكون الخليفة من بعده ابن عمه عمر بن عبدالعزيز C .
وقدم نائب طرابلس المعزول عليلا والأمير سيف الدين استدمر الذي كان نائب دمشق وكانا مقيمان بطرابلس جميعا في صبيحة يوم السبت السادس والعشرين منه فدخلا دار السعادة فلم يحتفل بهما نائب السلطنة .
وتكامل في هذا الشهر تجديد الرواق غربي باب الناطفانيين غصلاحا بداربزيناته وتبييضا لجدرانه ومحراب فيه وجعل له شبابيك في الدرابزينات ووقف فيه قراءة قرآن بعد المغرب وذكروا أن شخصا رأى مناما فقصه على نائب السلطنة فأمر باصلاحه وفيه نهض بناء المدرسة التي إلى جانب هذا المكان من الشباك وقد كان أسسها أولا علم الدين بن هلال فلما صودر أخذت منه وجعلت مضافة إلى السلطان فبنوا فوق الأساسات وجعلوا لها خمسة شبابيك من شرقها وبابا قبليا ومحرابا وبركة وعراقية وجعلوا حائطها بالحجارة البيض والسود وكملوا عاليها بالاجر وجاءت في غاية الحسن وقد كان السلطان الناصر حسن قد رسم بأن تجعل مكتبا للأيتام فلم يتم أمرها حتى قتل كما ذكرنا .
واشتهر في هذا الشهر أن بقرة كانت تجيء من ناحية باب الجابية تقصد جراء لكلبة قد ماتت امهم وهي في ناحية كنيسة مريم في خرابة فتجيء إليهم فتنسطح على شقها فترضع اولئك الجراء