عاش ساعة ومات وأحضره معه وشاهده الحضارون وشاهده كاتب الكتاب فإذا هو شكل سوى له على كل كتف رأس بوجه مستدير والوجهان إلى ناحية واحدة فسبحان الخلاق العليم .
وبلغنا انه في هذا الشهر سقطت المنارة التي بنيت للمدرسة السلطانية بمصر وكانت مستجدة على صفة غريبة وذلك أنها منارتان على أصل واحد فوق قبو الباب الذي للمدرسة المذكورة فلما سقطت أهلكت خلقا كثيرا من الصناع بالمدرسة والمارة والصبيان الذين في مكتب المدرسة ولم ينج من الصبيان فيما ذكر شيء سوى ستة وكان جملة من هلك بسببها نحو ثلثمائة نفس وقيل أكثر وقيل أقل فإنا لله وإنا إليه راجعون وخرج نائب السلطنة الامير سيف الدين بيدمر الى الغيضة لاصلاحها وإزالة ما فيها من الاشجار والمؤذية والدغل يوم الاثنين التاسع والعشرين من الشهر وكان سلخه وخرج معه جميع الجيش من الأمراء وأصحابه وأجناد الحلقة برمتهم لم يتأخر منهم أحد وكلهم يعملون فيها بأنفسهم وغلمانهم وأحضر اليهم خلق من فلاحي المرج والغوطة وغير ذلك ورجع يوم السبت خامس الشهر الداخل وقد نظفوها من الغل والدغل والغش .
واتفقت كائنة غريبة لبعض السؤال وهو أنه اجتمع جماعة منهم قبل الفجر ليأخذوا خبزا من صدقة تربة امرأة ملك الأمراء تنكز عند باب الخواصين فتضاربوا فيما بينهم فعمدوا إلى رجل منهم فخنقوه خنقا شديدا واخذوا منه جرابا فيه نحو من اربعة ألاف درهم وشيء الذهب وذهبوا على حمية وافاق هو من الغشي فلم يجدهم واشتكىأمره إلى متولي البلد فلم يظفر بهم إلى الان وقد أخبرني الذي أخذوا منه أنهم أخذوا منه ثلاثة آلاف درهم معاملة وألف درهم بندقية ودينارين وزنهما ثلاثة دنانير كذا قال لي إن كان صادقا .
وفي صبيحة يوم السبت خامس جمادي الاولى طلب قاضي القضاة شرف الدين الحنفي للشيخ علي بن البنا وقد كان يتكلم في الجامع الاموي على العوام وهو جالس على الارض شيء من الوعظيات وما أشبهها من صدره فكأنه تعرض في غضون كلامه لأبي حنيفة C فأحضر فاستتيب من ذلك ومنعه قاضي القضاة شرف الدين الكفري من الكلام على الناس وسجنه وبلغني أنه حكم باسلامه وأطلقه من يومه وهذا المذكور ابن البنا عنده زهادة وتعسف وهو مصري يسمع الحديث ويقرؤه ويتكلم بشيء من الوعظيات والرقائق وضرب أمثال وقد مال اليه كثير من العوام واستحلوه وكلامه قريب إلى مفهومهم وربما أضحك في كلامه وحاضرته وهو مطبوع قريب إلى الفهم ولكنه أشار فيما ذكر عنه في شطحته إلى بعض الاشياء التي لا تنبغي أن تذكر والله الموفق ثم إنه جلس للناس في يوم الثلاثاء ثامنه فتكلم على عادته فتطلبه القاضي المذكور فيقال إن المذكور تعنت انتهى والله أعلم