ورخج وهو مغضب فراح إلى الصالحية فبالغ الناس في تعظيمه وبقي القضاة يوم ذلك في دار السعادة ثم بعثوا إليه بعد الظهر فحضر من الصالحية فلم يزالوا به حتى قبل ولبس الخلعة وخرج إلى الجامع فقرئ تقليده بعد العصر واجتمع معه القضاة وهنأه الناس وفرحوا به لديانته وصيانته وفضيلته وأمانته وبعد هذا اليوم بأيام حكم الفقيه شمس الدين محمد بن مفلح الحنبلي نيابة عن قاضي القضاة جمال الدين المرداوي المقدسي وابن مفلح زوج ابنته وفي العشر الأخير من ذي القعدة حضر الفقيه الامام المحدث المفيد أمين الدين الايجي الملكي مشيخة دار الحديث بالمدرسة الناصرية الجوانية نزل له عنها الصدر أمين الدين ابن القلانسي وكيل بيت المال وحضر عنده الأكبار والأعيان وفي أواخر هذه السنة تكامل بناء التربة التي تحت الطارمة المنسوبة إلى الامير سيف الدين أرغون شاه الذي كان نائب السلطنة بدمشق وكذلك القبلي منها وصلى فيها الناس وكان قبل ذلك مسجدا صغيرا فعمره وكبره وجاء كأنه جامع تقبل الله منه انتهى .
ثم دخلت سنة إحدى وخمسين وسبعمائة .
استهلت وسلطان الشام وخصر الناصر حسن بن الناصر محمد بن قلاوون ونائبه بمصر الامير سيف الدين يلبغا وأخوه سيف الدين منجك الوزير والمشارون جماعة من المقدمين بديار مصر وقضاة مصر وكاتب السر هم الذين كانوا في السنة الماضية ونائب الشام الأمير سيف الدين ارتيمش الناصري والقضاة هم القضاة سوى الحنبلي فإنه الشيخ جمال الدين يوسف المرداوي وكاتب السر وشيخ الشيوخ تاج الدين وكاتب الدست هم المتقدمون وأضيف اليهم شرف الدين عبد الوهاب بن القاضي علاء الدين بن شمرنوخ والمحتسب القاضي عماد الدين بن العزفور وشاد الأوقاف الشريف وناظر الجامع فخر الدين بن العفيف وخطيب البلد جمال الدين محمود ابن جملة C .
وفي يوم السبت عاشر المحرم نودي بالبلد من جهة نائب السلطان عن كتاب جاءه من الديار المصرية أن لا تلبس النساء إلا كمام الطوال العرض ولا البرد الحرير ولا شيئا من اللباسات والثياب الثمينة ولا الأقمشة القصار وبلغنا أنهم بالديار المصرية شددوا في ذلك جدا حتى قيل إنهم غرقوا بعض النساء بسبب ذلك فالله أعلم .
وجددت وأكلمت في أول هذه السنة دار قرى قبلي تربة امرأة تنكز بمحلة باب الخواصين حولها وكانت قاعة صورة مدرسة الطواشي صفي الدين عنبر مولى ابن حمزة وهو أحد الكبار الأجواد تقبل الله منه وفي يوم الأحد خامس شهر جمادي الأولى فتحت المدرسة الطيبانية التي كانت دارا للأمير سيف الدين طيبان بالقرب من الشامية الجوانية بينها وبين أم الصالح اشتريت