أمثاله وله أصحاب يظهرون إشارة باطلة وأحوالا مفتعلة وهذا مما كان ينقم عليه بسببه فإنه إن لم يكن يعلم بحاله فجاهل وإن كان يقرهم على ذلك فهو مثلهم والله سبحانه وتعالى أعلم وفي أواخر هذا الشهر أعني ذي الحجة من العيد وما بعده اهتم ملك الامراء في بناء الجامع الذي بناه تحت القلعة وكان تل المستقين وهدم ما كان هناك من أبنية وعملت السجل وأخذت احجار كثيرة من أرجاء البلد وأكثر ما أخذت الاحجار من الرحبة التي للمصريين من تحت المأذنة التي في رأس عقبة الكتاب وتيسر منها أحجار كثيرة والاحجار أيضا من جبل قاسيون وحمل على الجمال وغيرها وكان سلخ هذه السنة أعني سنة سبع واربعين وسبعمائة قد بلغت غرارة القمح إلى مائتين فما دونها وربما بيعت بأكثر من ذلك فإنا لله وإنا إليه راجعون .
ثم دخلت سنة ثمان وأربعين وسبعمائة .
استهلت هذه السنة وسلطان البلاد المصرية والشامية والحرمين وغير ذلك الملك المظفر أمير حاجي ابن الملك الناصر محمد بن قلاوون ونائبه بالديار المصرية الامير سيف الدين ارقطية وقضاة مصر هم الذين كانوا في الماضية باعيانهم ونائبه بالشام المحروسة سيف الدين يلبغا الناصري وقضاة الشام هم المذكورون في التي قبلها بأعيانهم غير أن القاضي عماد الدين الحنفي نزل لولده قاضي القضاة نجم الدين فباشر في حياة أبيه وحاجب الحجاب فخر الدين إياس .
واستهلت هذه السنة ونائب السلطنة في همة عالية في عمارة الجامع الذي قد شرع في بنائه غربي سوق الخيل بالمكان الذي كان يعرف بالتل المستقين .
وفي ثالث المحرم توفي قاضي القضاة شرف الدين محمد بن أبي بكر الهمداني المالكي وصلى عليه بالجامع ودفن بتربته بميدان الحصا وتأسف الناس عليه لرياسته وديانته واخلاقه وإحسانه إلى كثير من الناس C .
وفي يوم الاحد الرابع والعشرين من المحرم وصل تقليد قضاء المالكية للقاضي جمال الدين المسلاتي الذي كان نائبا للقاضي شرف الدين قبله وخلع عليه من آخر النهار وفي شهر ربيع الاول أخذوا لبناء الجامع المجدد بسوق الخيل أعمدة كثيرة من البلد فظاهر البلد يعلقون ما فوقه من البناء ثم يأخذونه ويقيمون بدله دعامة وأخذوا من درب الصيقل وأخذوا العمود الذي كان بسوق العلبيين الذي في تلك الدخلة على رأسه مثل الكرة فيها حديد وقد ذكر الحافظ ابن عساكر انه كان فيه طلسم لعسر بول الحيوان إذا داروا بالدابة ينحل أراقيها فلما كان يوم الاحد السابع والعشرين من ربيع الاول من هذه السنة قلعوه من موضعه بعد ما كان له في هذا الموضع نحوا من اربعة آلاف سنة والله أعلم وقد رأيته في هذا اليوم وهو ممدود في سوق العلبيين على الاخشاب