سبب ذلك أن نائب السلطنة بلغه أن نائب صغد قد ركب إليه ليقبض عليه فانزعج لذلك وقال لا أموت إلا على ظهر أفراسي لا على فراشي وخرج الجند والأمراء خوفا من أن يفوتهم بالفرار فنزلوا يمنة ويسرة فلم يذهب من تلك المنزلة بل استمر بها يعمل النيابة ويجتمع بالأمراء جماعة وفرادى ويستميلهم إلىما هو فيه من الرأي وهو خلع الملك الكامل شعبان لأنه يكثر من مسك الأمراء بغير سبب ويفعل أفعالا لا تليق بمثله وذكروا أمورا كثيرة وأن يروا أخاه امير حاجبي بن الناصر لحسن شكالته وجميل فعله ولم يزل يفتلهم في الذروة والغارب حتى أجابوه إلى ذلك ووافقوه عليه وسلموا له ما يدعيه وتابعوا على ما اشار إليه وبايعوه ثم شرع في البعث إلى نواب البلاد يستميلهم إلى ما مالأ عليه الدمشقيون وكثير من المصريين وشرع أيضا في التصرف في الامور العامة الكلية وأخرج بعض من كان الملك الكامل اعتقله بالقلعة المنصورة ورد إليه إقطاعه بعد ما بعث الملك الكامل إلى من أقلعه منشورة وعزل وولى وأخذ وأعطى وطلب التجار يوم الاربعاء ثامن عشرة ليباع عليهم غلال الحواصل السلطانية فيدفعوا أثمانها في الحال ثم يذهبوا فيتسلموها من البلاد البرانية وحضر عنده القضاة على العادة والأمراء والسادة وهذا كله وهو مخيم بالمكان المذكور لا يحصره بلد ولا يحويه سور .
وفي يوم الخميس رابع جمادي الآخرة خرجت تجريدة نحو عشرة طليعة لتلقي من يقدم من الديار المصرية من الأسراء وغيرهم ببقاء الأمر على ما كان عليه فلم يصدقهم النائب وربما عاقب بعضهم ثم رفعهم إلى القلعة وأهل دمشق ما بين مصدق باختلاف المصريين وما بين قائل السلطان الكامل قائم الصورة مستمر على ما كان عليه والتجاريد المصرية واصلة قريبا ولا بد من وقوع خبطة عظيمة وتشوشت اذهان الناس وأحوالهم بسبب ذلك والله المسئول أن يحسن العقابة .
وحاصل القضية أن العامة ما بين تصديق وتكذيب ونائب السلطنة وخواصه من كبار الامراء على ثقة من أنفسهم وأن الأمراء على خلف شديد في الديار المصرية بين السلطان الكامل شعبان وبين اخيه امير حاجي والجمهور مع اخيه أمير حاجي ثم جاءت الاخبار الى النائب بأن التجاريد المصرية خرجت تقصد الشام ومن فيه من الجند لتوطد الامر ثم إنه تراجعت رؤس الأمراء في الليل إلى مصر واجتمعوا إلى إخوانهم ممن هو مماليء لهم على السلطان فاجتمعوا ودعوا إلى سلطنة أمير حاجي وضربت الطبلخانات وصارت باقي النفوس متجاهرة على نية تأييده ونابذوا السلطان الكامل وعدوا عليه مساويه وقتل بعض الامراء وفر الكامل وأنصاره فاحتيط عليه وخرج أرغون العلائي زوج ابنته واستظهر ايضا امير حاجي فأجلسوه على السرير ولقبوه بالملك المظفر وجاءت الأخبار إلى النائب بذلك فضربت البشائر عنده وبعث إلى نائب القلعة فامتنع من ضربها وكان قد