الكرك الامير سيف الدين أبو بكر بن بهادرآص الذي كان أسر في أوائل حصار الكرك وجماعة من مماليك الناصر احمد كان اتهمهم بقتل الشهيب احمد الذي كان يعتنى به ويحبه واستبشر الجيوش بنزول أبي بكر من عنده وسلامته من يده وجهز إلى الديار المصرية معظما وهذا والمجانيق الثلاثة سلطة على القلعة من البلد تضرب عليها ليلا ونهارا وتدمر في بنائها من داخل فإن سورها لا يؤثر فيه شيء بالكلية ثم ذكر ان الحصار فتر ولكن مع الاحتياط على أن لا يدخل إلى القلعة ميرة ولا شيء مما يتسعينون به على المقام فيها فالله المسؤول أن يحسن العقابة وفي يوم الاربعاء الخامس والعشرين من صفر قدم البريد مسرعا من الكرك فأخبر بفتح القلعة وان بابها احرق وأن جماعة الأمير أحمد بن الناصر استغاثوا بالأمان وخرج أحمد مقيدا وسير على البريد إلى الديار المصرية وذلك يوم الاثنين بعدا لظهر الثالث والعشرين من هذا الشهر ولله عاقبة الأمور وفي صبيحة يوم الجمعة رابع ربيع الاول دقت البشائر بالقلعة وزينت البلد عن مرسوم السلطان الملك الصالح سرورا بفتح البلد واجتماع الكلمة عليه واستمرت الزينة إلى يوم الاثنين سابعه فرسم برفعها بعد الظهر فتشوش كثير من العوام وأرجف بعض الناس بأن أحمد قد ظهر أمره وبايعه الأمراء الذين هم عنده وليس لذلك حقيقة ودخلت الأطلاب من الكرك صبيحة يوم الأحد ثالث عشر ربيع الاول بالطبلخانات والجيوش واشتهر إعدام احمد بن الناصر .
وفي يوم الجمعة حادي عشر ربيع الأول صلى بالجامع الأموي على الشيخ أمين الدين أبي حيان النحوي شيخ البلاد المصرية من مدة طويلة وكانت وفاته بمصر عن تسعين سنة وخمسة أشهر ثم اشتهر في ربيع الآخر قتل السلطان أحمد وحز رأسه وقطع يديه ودفن جثته بالكرك وحمل رأسه إلى أخيه الملك الصالح إسماعيل وحضر بين يديه في الرابع والعشرين من هذا الشهر ففرح الناس بذلك ودخل الشيخ أحمد الزرعي على السلطان الملك الصالح فطلب منه أشياء كثيرة من تبطيل المظالم ومكوسات وإطلاق طبلخانات للأمير ناصر الدين بن بكناش وإطلاق أمراء محبوسين بقلعة دمشق وغير ذلك فأجابه إلى جميع ذلك وكان جملة المراسيم التي أجيب فيها بضع وثلاثين مرسوما فلما كان آخر شهر ربيع الآخر قدمت المراسيم التي سألها الشيخ أحمد من الملك الصالح فأمضيت كلها أو كثير منها وافرج عن صلاح الدين بن الملك الكامل والامير سيف الدين بلو في يوم الخميس سلخ هذا الشهر ثم روجع في كثير منها وتوقف حالها .
وفي هذا الشهر عملت منارة خارج باب الفرج وفتحت مدرسة كانت دارا قديمة فجعلت مدرسة للحنفية ومسجدا وعملت طهارة عامة ومصلى للناس وكل ذلك منسوب إلى الامير سيف الدين تقطم الخليلي أمير حاجب كان وهو الذي جدد الدار المعروفة به اليوم بالقصاعين