سورة ق واقتربت والوقعة والقيامة ثم صلى العشاء ثم خطب بعدها ثم أصبح فصلى بالناس الصبح ثم ركب على البريد الى مصر فرزق من السلطان فتولاه وولاه بعد ايام القضاء ثم كر راجعا الى الشام فدخل دمشق في خامس رجب على القضاء مع الخطابة وتدريس العادلية والغزالية فباشر ذلك كله وأخذت منه الامينية فدرس فيها جمال الدين بن القلانسي مع وكالة بيت المال وأضيف اليه قضاء العساكر وخوطب بقاضي القضاة جلال الدين القزويني .
وفيها قدم ملك التكرور الى القاهرة بسبب الحج في خامس عشرين رجب فنزل بالقرافة ومعه من المغاربة والخدم نحو من عشرين الفا ومعهم ذهب كثير بحيث إنه نزل سعر الذهب درهمين في كل مثقال ويقال له الملك الاشرف موسى بن أبي بكر وهو شاب جميل الصورة له مملكة متسعة مسيرة ثلاث سنين ويذكر أن تحت يده أربعة وعشرين ملكا كل ملك تحت يده خلق وعساكر ولما دخل قلعة الجبل ليسلم على السلطان أمر بتقبيل الارض فامتنع من ذلك فأكرمه السلطان ولم يمكن من الجلوس أيضا حتى خرج من بين يدي السلطان وأحضر له حصان أشهب بزناري أطلس أصفر وهيئت له هجن وآلات كثيرة تليق بمثله وارسل هو إلى السلطان أيضا بهدايا كثيرة من جملتها أربعون ألف دينار إلى النائب بنحو عشرة آلاف دينار وتحف كثيرة .
وفي شعبان ورمضان زاد النيل بمصر زيادة عظيمة لم ير مثلها من نحو مائة سنة أو أزيد منها ومكث على الاراضي نحو ثلاثة أشهر ونصف وغرق أقصابا كثيرة ولكن كان نفعه أعظم من ضره وفي يوم الخميس ثامن عشر شعبان استناب القاضي جلال الدين القزويني نائبين في الحكم وهما يوسف بن إبراهيم بن جملة المحجي الصالحي وقد ولي القضاء فيما بعد ذلك كما سيأتي ومحمد بن علي بن إبراهيم المصري وحكما يومئذ ومن الغد جاء البريد ومعه تقليد قضاء حلب للشيخ كمال الدين بن الزملكاني فاستدعاه نائب السلطنة وفاوضه في ذلك فامتنع فراجعه النائب ثم راجع السلطان فجاء البريد في ثاني عشر رمضان بامضاء الولاية فشرع للتأهب لبلاد حلب وتمادى في ذلك حتى كان خروجه إليها في بكرة يوم الخميس رابع عشر شوال ودخل حلب يوم الثلاثاء سادس عشرين شوال فأكرم إكراما زائدا ودرس بها وألقى علوما أكبر من تلك البلاد وحصل لهم الشرف بفنونه وفوائده وحصل لأهل الشام الأسف على دروسه الانيقة الفائقة وما أحسن ما قال الشاعر وهو شمس الدين محمد الحناط في قصيدة له مطولة أولها قوله ... أسفت لفقدك جلق الفيحاء ... وتباشرت بقدومك الشهباء ... وفي ثاني عشر رمضان عزل أمين الملك عن وزارة مصر واضيفت الوزارة إلى الامير علاء الدين مغلطاي الجمالي استاذ دار السلطان وفي أواخر رمضان طلب الصاحب شمس الدين غبريال إلى