الخليلي الوزير وتحته ابن صصرى ثم صدر الدين علي الحنفي وجلس الشيخ تقي الدين بين يدي السلطان على طرف طراحته وتكلم الوزير في إعادة أهل الذمة إلى لب 2 س العمائم البيض بالعلائم وأنهم قد التزموا للديوان بسبع مائة ألف في كل سنة زيادة على الحالية فسكت الناس وكان فيهم قضاة مصر والشام وكبار العلماء من أهل مصر والشام من جملتهم ابن الزملكاني قال ابن القلانسي وأنا في مجلس السلطان إلى جنب ابن الزملكاني فلم يتكلم أحد من العلماء ولا من القضاة فقال لهم السلطان ما تقولون يستفتيهم في ذلك فلم يتكلم أحد فجثى الشيخ تقي الدين على ركبتيه وتكلم مع السلطان في ذلك بكلام غليظ ورد على الوزير ما قاله ردا عنيفا وجعل يرفع صوته والسلطان يتلافاه ويسكته بترفق وتؤدة وتوقير وبالغ الشيخ في الكلام وقال مالا يستطيع أحد أن يقوم بمثله ولا بقريب منه وبالغ في التشنيع على من يوافق في ذلك وقال للسلطان حاشاك ان يكون أول مجلس جلسته في أبهة الملك تنصر فيه أهل الذمة لأجل حطام الدنيا الفانية فاذكر نعمة الله عليك إذ رد ملكك إليك وكبت عدوك ونصرك على أعدائك فذكر أن الجاشنكير هو الذي جدد عليهم ذلك فقال والذي فعله الجاشنكير كان من مراسيمك لأنه إنما كان نائبا لك فأعجب السلطان ذلك واستمر بهم على ذلك وجرت فصول يطول ذكرها وقد كان السلطان أعلم بالشيخ من جميع الحاضرين ودينه وزينته وقيامه بالحق وشجاعته وسمعت الشيخ تقي الدين يذكر ما كان بينه وبين السلطان من الكلام لما انفردا في ذلك الشباك الذي جلسا فيه وأن السلطان استفتى الشيخ في قتل بعض القضاة بسبب ما كانوا تكلموا فيه وأخرج له فتاوى بعضهم بعزله من الملك ومبايعة الجاشنكير وأنهم قاموا عليك وآذوك أنت أيضا وأخذ يحثه بذلك على أن يفتيه في قتل بعضهم وإنما كان حنقه عليهم بسبب ما كانوا سعوا فيه من عزله ومبايعة الجاشنكير ففهم الشيخ مراد السلطان فأخذ في تعظيم القضاة والعلماء وينكر أن ينال أحدا منهم بسوء وقال له إذا قتلت هؤلاء لا تجد بعدهم مثلهم فقال له إنهم قد آذوك وأرادوا قتلك مرارا فقال الشيخ من آذاني فهو في حل ومن آذى الله ورسوله فالله ينتقم منه وأنا لاأنتصر لنفسي وما زال به حتى حلم عنهم السلطان وصفح .
قال وكان قاضي المالكية ابن مخلوف يقول ما رأينا مثل ابن تيمية حرضنا عليه فلم نقدر عليه وقدر علينا فصفح عنا وحاجج عنا ثم إن الشيخ بعد اجتماعه بالسلطان نزل إلى القاهرة وعاد إلى بث العلم ونشره وأقبلت الخلق عليه ورحلوا اليه يشتغلون عليه ويستفتونه ويجيبهم بالكتابة والقول وجاء الفقهاء يعتذرون مما وقع منهم في حقه فقال قد جعلت الكل في حل وبعث الشيخ كتابا إلى أهله يذكر ما هو فيه من نعم الله وخيره الكثير ويطلب منهم جملة من كتب