وكانت تلك كرامة في حقنا وظنوا أن ذلك يؤدي إلى هلاك الشيخ فانقلبت عليهم مقاصدهم الخبيثة وانعكست من كل الوجوه وأصبحوا وأمسوا ومازالوا عند الله وعند الناس العارفين سود الوجوه يتقطعون حسرات وندما على ما فعلوا وانقلب أهل الثغر اجمعين إلى الأخ مقبلين عليه مكرمين له وفي كل وقت ينشر من كتاب الله وسنة رسوله ما تقربه أعين المؤمنين وذلك شجى في حلوق الاعداء واتفق انه وجد بالاسكندرية إبليس قد باض فيها وفرخ وأضل بها فرق السبعينية والعربية فمزق الله بقدومه عليهم شملهم وشتت جموعهم شذر مذر وهتك أستارهم وفضحهم واستتاب جماعة كثيرة منهم وتوب رئيسا من رؤسائهم واستقر عند عامة المؤمنين وخواصهم من أمير وقاض وفقيه ومفتي وشيخ وجماعة المجتهدين إلا من شذ من الأغمار الجهال مع الذلة والصغار محبة الشيخ وتعظيمه وقوبل كلامه والرجوع إلى أمره ونهيه فعلت كلمة الله بها على أعداء الله ورسوله ولعنوا سرا وجهرا وباطنا وظاهرا في مجامع الناس بأسمائهم الخاصة بهم وصار ذلك عند نصر المنبجي المقيم المقعد ونزل به من الخوف والذل مالا يعبر عنه وذكر كلاما كثيرا .
والمقصود أن الشيخ تقي الدين أقام بثغر الاسكندرية ثمانية اشهر مقيما ببرج متسع مليح نظيف له شبا كان أحدهما إلى جهة البحر والاخر إلى جهة المدينة وكان يدخل عليه من شاء ويتردد إليه الاكابر والاعيان والفقهاء ويقرؤن عليه وستفيدون منه وهو في أطيب عيش وأشرح صدر وفي آخر ربيع الاول عزل الشيخ كمال الدين بن الزملكاني عن نظر المارستان بسبب انتمائه إلى ابن تيمية باشارة المنبجي وباشره شمس الدين عبدا لقادر بن الخطيري وفي يوم الثلاثاء ثالث ربيع الاخر ولي قضاء الحنابلة بمصر الشيخ الامام الحافظ سعد الدين أبو محمود مسعود بن أحمد ابن مسعود بن زين الدين الحارثي شيخ الحديث بمصر بعد وفاة القاضي شرف الدين أبي محمد عبدالغني بن يحيى بن محمد بن عبد الله بن نصر بن أبي بكر الحراني وفي جمادي الاولى برزت المراسيم السلطانية المظفرية إلى البلاد السواحلية بإبطال الخمور وتخريب الحانات ونفى اهلها ففعل ذلك وفرح المسلمون بذلك فرحا شديدا وفي مستهل جمادى الاخرة وصل بريد بتولية قضاء الحنابلة بدمشق للشيخ شهاب الدين أحمد بن شريف الدين حسن بن الحافظ جمال الدين أبي موسى عبد الله بن الحافظ عبد الغني المقدسي عوضا عن التقى سليمان بن حمزة بسبب تكلمه في نزول الملك الناصر عن الملك وإنه إنما نزل عنه مضطهدا بذلك ليس بمختار وقد صدق فيما قال وفي عشرين جمادي الاخرة وصل البريد بولاية شد الدواوين للأمير سيف الدين بكتمر الحاجب عوضا عن الرستمي فلم يقبل وبنظر الخزانة للأمير عز الدين احمد بن زين الدين محمد بن أحمد بن محمود المعروف بابن القلانسي فباشرهما وعزل عنها البصراوي محتسب البلد وفي هذا الشهر باشر قاضي القضاة ابن جماعة مشيخة سعيد السعداء