على الهدنة ووضع الحرب بعدما قتل من الفريقين خلق لا يحصون .
وفي يوم الخميس ثامن رجب دخل الظاهر دمشق وفي صحبته ولده الملك السعيد وابن الحنا الوزير وجمهور الجيش ثم خرجوا متفرقين وتواعدوا ان يلتقوا بالساحل ليشنوا الغارة على جبلة واللاذقية ومرقب وعرقا وما هنالك من البلاد فلما اجتمعوا فتحوا صافينا والمجدل ثم ساروا فنزلوا على حصن الأكراد يوم الثلاثاء تاسع عشر رجب وله ثلاث أسوار فنصوبوا المنجنيقات فتحها قسرا يوم نصف شعبان فدخل الجيش وكان الذي يحاصره ولد السلطان الملك السعيد فأطلق السلطان أهله ومن عليهم وأجلاهم إلى طرابلس وتسلم القلعة بعد عشرة أيام من الفتح فاجلى أهلها أيضا وجعل كنيسة البلد جامعا وأقام فيه الجمعة وولى فيها نائبا وقاضينا وأمر بعمارة البلد وبعث صاحب طرسوس بمفاتيح بلده يطلب منه الصلح على ان يكون نصف مغل بلاده للسلطان وأن يكون له بها نائبا فأجابه إلى ذلك وكذلك فعل صاحب المرقب فصالحه أيضا على المناصفة ووضع الحرب عشر سنين وبلغ السلطان وهو مخيم على حصن الاكراد ان صاحب جزيرة قبرص قد ركب بجيشه إلى عكا لينصر أهلها خوفا من السلطان فاراد السلطان أن يغتنم هذه الفرصة فبعث جيشا كثيفا في أثني عشرة شيني ليأخذوا جزيرة قبرص في غيبة صاحبها عنها فسارت المراكب مسرعة فلما قاربت المدينة جاءتها ريح قاصف فصدم بعضها بعضا فانكسر فيها أربعة عشر مركبا باذن الله فغرق خلق وأسر الفرنج من الصناع والرجال قريبا من ألف وثمانمائة إنسان فإنا لله وإنا إليه راجعون ثم سار السلطان فنصب المجانيق على حصن عكا فسأله أهلها الامان على أن يخليهم فأجابهم إلى ذلك ودخل البلد يوم عيدا لفطر فتسلمه وكان الحصن شديد الضرر على المسلمين وهو واد بين جبلين ثم سار السلطان نحو طرابلس فأرسل إليه صاحبها يقول ما مراد السلطان في هذه الأرض فقال جئت لأرعى زروعكم وأخرب بلادكم ثم أعود إلى حصاركم في العام الاتي فأرسل يستعطفه ويطلب منه المصالحة ووضع الحرب بينهم عشر سنين فأجابه إلى ذلك وأرسل إليه الاسماعيلية يستعطفونه على والدهم وكان مسجونا بالقاهرة فقال سلموا إلى العليقة وانزلوا فخذوا إقطاعات بالقاهرة وتسلموا أباكم فلما نزلوا أمر بحبسهم بالقاهرة واستناب بحصن العليقة .
وفي يوم الاحد الثاني عشر من شوال جاء سيل عظيم إلى دمشق فأتلف شيئا كثيرا وغرق بسببه ناس كثير لا سيما الحجاج من الروم الذين كانوا نزولا بين النهرين أخذهم السيل وجمالهم وأحمالهم فهلكوا وغلقت أبواب البلد ودخل الماء إلى البلد من مراقي السور ومن باب الفراديس فغرق خان ابن المقدم وأتلف شيئا كثيرا وكان ذلك في زمن الصيف في أيام المشمش ودخل السلطان إلى دمشق يوم الاربعاء خامس عشر شوال فعزل القاضي ابن خلكان وكان له في القضاء