بدمائه وكم من طفل بكى فلم يرحم لبكائه فشمروا عباد الله عن ساق الاجتهاد في إحياء فرض الجهاد واتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وانفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) فلم يبق معذرة في القعود عن أعداء الدين والمحاماة عن المسلمين وهذا السلطان الملك الظاهر السيد الأجل العالم العادل المجاهد المؤيد ركن الدنيا والدين قد قام بنصر الامامة عند قلة الانصار وشرد جيوش الكفر بعد أن جاسوا خلال الديار واصبحت البيعة بهمته منتظمة العقود والدولة العباسية به متكاثرة الجنود فبادروا عباد الله إلى شكر هذه النعمة وأخلصوا نياتكم تنصروا وقاتلوا أولياء الشيطان تظفروا ولا يروعكم ما جرى فالحرب سجال والعاقبة للمتقين والدهر يومان والأجر للمؤمنين جمع الله على الهدى امركم وأعز بالايمان نصركم واستغفر الله لي ولسائر المسلمين فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم ثم خطب الثانية ونزل فصلى .
وكتب بيعته إلى الافاق ليخطب له وضربت السكة باسمه قال أبو شامة فخطب له بجامع دمشق وسائر الجوامع يوم الجمعة سادس عشر المحرم من هذه السن وهذه الخليفة هو التاسع والثلاثون من خلفاء بني العباس ولم يل الخلافة من بني العباس من ليس والده وجده خليفة بعد السفاح والمنصور سوى هذا فأما من ليس والده خليفة فكثير منهم المستعين أحمد بن محمد ابن المعتصم والمعتضد بن طلحة بن المتوكل والقادر بن إسحاق بن المقتدر والمقتدى بن الذخيرة ابن القائم بامر الله .
ذكر أخذ الظاهر الكرك وإعدام صاحبها .
ركب الظاهر من مصر في العساكر المنصورة قاصدا ناحية بلاد الكرك واستدعى صاحبها الملك المغيث عمر بن العادل أبي بكر بن الكامل فلما قدم عليه بعد جهد أرسله إلى مصر معتقلا فكان آخر العهد به وذلك أنه كانت هولاكو وحثه على القدوم إلى الشام مرة أخرى وجاءته كتب التتار بالثبات ونيابة البلاد وأنهم قادمون عليه عشرون ألفا لفتح الديار المصرية وأخرج السلطان فتاوى الفقهاء بقتله وعرض ذلك على ابن خلكان وكان قد استدعاه من دمشق وعلى جماعة من الامراء ثم سار فتسلم الكرك يوم الجمعة ثالث عشر جمادي الاولى ودخلها يومئذ في أبهة الملك ثم عاد إلى مصر مؤيدا منصورا .
وفيها قدمت رسل بركه خان إلى الظاهر يقول له قد علمت محبتي للاسلام وعلمت ما فعل هولاكو بالمسلمين فاركب أنت من ناحية حتى آتيه أنا من ناحية حتى نصطلمه أو نخرجه من البلاد واعطيك جميع ما كان بيده من البلاد فاستصوب الظاهر هذا الرأي وشكره وخلع على رسله واكرمهم .
وفيها زلزلت الموصل زلزلة عظيمة وتهدمت أكثر دورها وفي رمضان جهز الظاهر صناعا وأخشابا وآلات كثيرة لعمارة مسجد رسول الله ص بعد حريقه فطيف بتلك الاخشاب والالات