السرور له والاحتفال به وأنزله في البرج الكبير من قلعة الجبل وأجريت عليه الارزاق الدارة والاحسان وفي ربيع الاخر عزل الملك الظاهر الامير جمال الدين آقوش النجيبي عن استداريته واستبدل به غيره وبعد ذلك ارسله نائبا على الشام كما سيأتي .
وفي يوم الثلاثاء تاسع رجب حضر السلطان الظاهر إلى دار العدل في محاكمة في بئر إلى بيت القاضي تاج الدين عبد الوهاب ابن بنت الأعز فقام الناس إلا القاضي فإنه اشار عليه أن لا يقوم وتداعيا وكان الحق مع السلطان وله بينه عادلة فانتزعت البئر من يد الغريم وكان الغريم أحد الأمراء .
وفي شوال استناب الظاهر على حلب الامير علاء الدين أيدكين الشهابي وحينئذ انحاز عسكر سيس على القلعة من أرض حلب فركب إليهم الشهابي فكسرهم واسر منهم جماعة فبعثهم إلى مصر فقتلوا وفيها استناب السلطان على دمشق الامير جمال الدين أقوش النجيبي وكان من أكابر الامراء وعزل عنها علاء الدين طيبرس الوزيري وحمل إلى القاهرة .
وفي ذي القعدة خرج مرسوم السلطان إلى القاضي تاج الدين ابن بنت الاعز ان يستنيب من كل مذهب من المذاهب الثلاثة نائبا فاستناب من الحنفية صدر الدين سليمان الحنفي ومن الحنابلة شمس الدين محمد بن الشيخ العماد ومن المالكية شرف الدين عمر السبكي المالكي .
وفي ذي الحجة قدمت وفود كثيرة من التتار على الملك الظاهر مستأمنين فأكرمهم وأحسن إليهم وأقطعهم إقطاعات حسنة وكذلك فعل بأولاد صاحب الموصل ورتب لهم رواتب كافية .
وفيها ارسل هولاكو طائفة من جنده نحو عشرة آلاف فحاصروا الموصل ونصبوا عليها أربعة وعشرين منجنيقا وضاقت بها الاقوات .
وفيها أرسل الملك الصالح إسماعيل بن لؤلؤ إلى التركي يستنجده فقم عليه فهزمت التتار ثم ثبتوا والتقوا معه وإنما كان معه سبعمائة مقاتل فهزموه وجرحوه وعاد إلى البيرة وفارقه اكثر أصحابه فدخلوا الديار المصرية ثم دخل هو إلى الملك الظاهر فأنعم عليه وأحسن إليه واقطعه سبعين فارسا وأما التتار فإنهم عادوا إلى الموصل ولم يزالوا حتى استنزلوا صاحبها الملك الصالح إليهم ونادوا في البلد بالأمان حتى اطمأن الناس ثم مالوا عليهم فقتلوهم تسعة أيام وقتلوا الملك الصالح إسماعيل وولده علاء الدين وخربوا أسوار البلد وتركوها بلاقع ثم كروا راجعين قبحهم الله .
وفيها وقع الخلف بين هلاكو وبين السلطان بركه خان ابن عمه وأرسل إليه بركة يطلب منه نصيبا مما فتحه من البلاد وأخذه من الاموال والأسرار على ما جرت به عادة ملوكهم فقتل رسله فاشتد غضب بركه وكاتب الظاهر ليتفقا على هولاكو .
وفيها وقع غلاء شديد بالشام قبيع القمح الغرارة بأربعمائة والشعير بمائتين وخمسين واللحم