ثم دخلت سنة سبع وخمسين وستمائة .
استهلت هذه السنة وليس للمسلمين خليفة وسلطان دمشق وحلب الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن العزيز محمد بن أبي الظاهر غازي بن الناصر صلاح الدين وهو واقع بينه وبين المصريين وقد ملكوا نور الدين علي بن المعز ايبك التركماني ولقبوه بالمنصور وقد أرسل الملك الغاشم هولاكوخان إلى الملك الناصر صاحب دمشق يستدعيه إليه فأرسل إليه ولده العزيز وهو صغير ومعه هدايا كثيرة وتحف فلم يحتفل به هولاكوخان بل غضب على أبيه إذ لم يقبل إليه وأخذ ابنه وقال انا أسير إلى بلاده بنفسي فانزعج الناصر لذلك وبعث بحريمه وأهله إلى الكرك ليحصنهم بها وخاف أهل دمشق خوفا شديدا ولا سيما لما بلغهم أن التتار قد قطعوا الفرات سافر كثير منهم إلى مصر في زمن الشتاء فمات ناس كثير منهم ونهبوا فإنا لله وإنا إليه راجعون وأقبل هولاكوخان فقصد الشام بجنوده وعساكره وقد امتنعت عليه ميا فارقين مدة سنة ونصف فأرسل إليها ولده أشموط فافتتحها قسرا وأنزل ملكها الكامل بن الشهاب غازي بن العادل فأرسله إلى أبيه وهو محاصر حلب فقتله بين يديه واستناب عليها بعض مماليك الاشرف وطيف برأس الكامل في البلاد ودخلوا برأسه إلى دمشق فنصب على باب الفراديس البراني ثم دفن بمسجد الرأس داخل باب الفراديس الجواني فنظم أبو شامة في ذلك قصيدة يذكر فيها فضله وجهاده وشبهه بالحسين في قتله مظلوما ودفن رأسه عند رأسه .
وفيها عمل الخواجة نصير الدين الطوسي الرصد بمدينة مراغة ونقل إليه شيئا كثيرا من كتب الاوقاف التي كانت ببغداد وعمل دار حكمة ورتب فيها فلاسفة ورتب لكل واحد في اليوم والليلة ثلاثة دراهم ودار طب فيها للطبيب في اليوم درهان ومدرسة لكل فقيه في اليوم درهم ودار حديث لكل محدث نصف درهم في اليوم وفيها قدم القاضي الوزير كما الدين عمر بن أبي جرادة المعروف بابن العديم إلى الديار المصرية رسولا من صاحب دمشق الناصر بن العزيز يستنجد المصريين على قتال التتار وأنهم قد اقترب قدومهم إلى الشام وقد استولوا على بلادالجزيرة وغيرها وقد جاز اشموط بن هولاكوخان الفرات وقرب من حلب فعند ذلك عقدوا مجلسا بين يدي المنصور بن المعز التركماني وحضر قاضي مصر بدرا لدين السنجاري والشيخ عز الدين بن عبد السلام وتفاوضوا الكلام فيما يتعلق بأخذ شيء من أموال العامة لمساعدة الجند وكانت العمدة على ما يقوله ابن عبد السلام وكان حاصل كلامه أنه قال إذا لم يبق في بيت المال شيء ثم انفقتم أموال الحوائض المذهبة وغيرها من الفضة والزينة وتساويتم أنتم والعامة في الملابس سوى آلات الحرب بحيث لم يبق للجندي سوى فرسه التي يركبها ساغ للحاكم حينئذ أخذ شيء من أموال