قال أبو شامة وفي ليلة الجمعة مستهل رمضان من هذه السنة احترق مسجد المدينة على ساكنه أفضل الصلاة والسلام ابتدأ حريقه من زاويته الغربية من الشمال وكان دخل احد القومة إلى خزانة ثم ومعه نار فعلقت في الابواب ثم واتصلت بالسقف بسرعة ثم دبت في السقوف وأخذت قبلة فأعجلت الناس عن قطعها فما كان إلا ساعة حتى احترقت سقوف المسجد اجمع ووقعت بعض أساطينه وذاب رصاصها وكل ذلك قبل أن ينام الناس واحترق سقف الحجرة النبوية ووقع ما وقع منه في الحجرة وبقي على حاله حتى شرع في عمارة سقفه وسقف المسجد النبوي على صاحبه أفضل الصلاة والسلام واصبح الناس فعزلوا موضعا للصلاة وعد ما وقع من تلك النار الخارجة وحريق المسجد من جملة الايات وكأنها كانت منذرة بما يعقبها في السنة الاتية من الكائنات على ما سنذكره هذا كلام الشيخ شهاب الدين أبي شامة وقد قال أبو شامة في الذي وقع في هذه السنة وما بعدها شعرا وهو قوله ... بعد ست من المئين والخمس ... ين لدى أربع جرى في العام ... نار أرض الحجاز مع حرق المس ... جد معه تغريق دار السلام ... ثم أخذ التتار بغداد في أو ... ل عام من بعد ذاك وعام ... لم يعن أهلها وللكفر أعوا ... ن عليهم ياضيعة الاسلام ... وانقضت دولة الخلافة منها ... صار مستعصم بغير اعتصام ... فحنانا على الحجاز ومصر ... وسلاما على بلاد الشام ... رب سلم وصن وعاف بقايا ... المدن ياذا الجلال والاكرام ... .
وفي هذه السنة كملت المدرسة الناصرية الجوانية داخل باب الفراديس وحضر فيها الدرس واقفها الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن الملك العزيز محمد بن الملك الظاهر غياث الدين غازي ابن الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شادي فاتح بيت المقدس ودرس فيها قاضي البلد صدر الدين ابن سناء الدولة وحضر عنده الأمراء والدولة والعلماء وجمهور أهل الحل والعقد بدمشق وفيها أمر بعمارة الرباط الناصري بسفح قاسيون .
وممن توفي في هذه السنة من الأعيان .
الشيخ عمادا لدين عبد الله بن الحسن بن النحاس .
ترك الخلائق وأقبل على الزهادة والتلاوة والعبادة والصيام المتتابع والانقطاع بمسجده بسفح قاسيون نحوا من ثلاثين سنة وكان من خيار الناس ولما توفي دفن عند مسجده بتربة مشهورة به وحمام ينسب إليه في مساريق الصالحية وقد اثنى عليه السبط وأرخوا وفاته كما ذكرت