إسماعيل من بعلبك فضاق الحال على الدماشقة فعدمت الاموال وغلت الاسعار جدا حتى إنه بلغ ثمن الغرارة ألف وستمائة وقنطار الدقيق تسعمائة والخبز كل وقيتين إلا ربع بدرهم ورطل اللحم بسبعة وبيعت الأملاك بالدقيق وأكلت القطاط والكلاب والميتات والجيفات وتماوت الناس في الطرقات وعجزوا عن التغسيل والتكفين والافبار فكانوا يلقون موتاهم في الابار حتى انتنت المدينة وضجر الناس فإنا لله وإنا إليه راجعون .
وفي هذه الايام توفي الشيخ تقي الدين ابن الصلاح شيخ دار الحديث وغيرها من المدارس فما أخرج من باب الفرج إلا بعد جهد جهيد ودفن بالصوفية C .
قال ابن السبط ومع هذا كانت الخمور دائرة والفسق ظاهرا والمكوس بحالها وذكر الشيخ شهاب الدين أن الاسعار غلت في هذه السنة جدا وهلك الصعاليك بالطرقات كانوا يسألون لقمة ثم صاروا يسألون لبابة ثم تنازلوا إلى فلس يشترون به نخالة يبلونها ويأكلونها كالدجاج قال وأنا شاهدت ذلك وذكر تفاصيل الاسعار وغلاءها في الاطعمة وغيرها ثم زال هذا كله في آخر السنة بعد عيد الاضحى ولله الحمد .
ولما بلغ الصالح ايوب أن الخوارزمية قد مالؤا عليه وصالحوا عمه الصالح إسماعيل كاتب الملك المنصور إبراهيم بن أسد الدين شيركوه صاحب حمص فاستماله إليه وقوى جانب نائب دمشق معين الدين حسين ابن الشيخ ولكنه توفي في رمضان من هذه السنة كما سيأتي في الوفيات ولما رجع المنصور صاحب حمص عن موالاة الصالح إسماعيل شرع في جمع الجيوش من الحلبيين والتركمان والأعراب لاستنقاذ دمشق من الخوارزمية وحصارهم إياها فبلغ ذلك الخوارزمية فخافوا من غائلة ذلك وقالوا دمشق ما تفوت والمصلحة قتاله عند بلده فساورا إلى بحيرة حمص وأرسل الناصر داود جيشه إلى الصالح إسماعيل مع الخوارزمية وساق جيش دمشق فانضافوا إلى صاحب حمص والتقوا مع الخوارزمية عند بحيرة حمص وكان يوما مشهودا قتل فيه عامة الخوارزمية وقتل ملكهم بركات خان وجيء برأسه على رمح فتفرق شملهم وتمزقوا شذر مذر وساق المنصور صاحب حمص إلى بعلبك فتسلمها الصالح أيوب وجاء إلى دمشق فنزل ببستان سامة خدمة للصالح أيوب ثم حدثته نفسه بأخذها فاتفق مرضه فمات C في السنة الاتية ونقل إلى حمص فكانت مدة ملكه بعد أبيه عشر سنين وقام من بعده فيها ابنه الملك الأشرف مدة سنتين ثم أخذت منه على ما سيأتي وتسلم نواب الصالح أيوب بعلبك وبصرى ولم يبق بيد الصالح اسماعيل بلد ياوى إليه ولا أهل ولا ولد ولا مال بل أخذت جميع أمواله ونقلت عياله تحت الحوطة إلى الديار المصرية وسار هو فاستجار بالملك الناصر بن العزيز بن الظاهر غازي صاحب حلب فآواه وأكرمه واحترمه وقال