موت أول من درس بها محيي الدين محمد بن فضلان ثم عزل عن ذلك كله وعن مشيخه بعض الربط ثم كانت وفاته في هذا العام وكان فاضلا دينا متواضعا C تعالى وعفا عنه .
ثم دخلت سنة أربعين وستمائة .
فيها توفي الخليفة المستنصر بالله وخلافة ولده المستعصم بالله فكانت وفاة الخليفة أمير المؤمنين بكرة يوم الجمعة عاشر جمادي الاخرة وله من العمر إحدى وخمسون سنة وأربعة أشهر وسبعة أيام وكتم موته حتى كان الدعاء له على المنابر ذلك اليوم وكانت مدة ولايته ست عشرة سنة وعشرة أشهر وسبعة وعشرين يوما ودفن بدار الخلافة ثم نقل إلى الترب من الرصافة وكان جميل الصورة حسن السريرة جيدالسيرة كثير الصدقات والبر والصلات محسنا إلى الرعية بكل ما يقدر عليه كان جده الناصر قد جمع ما يتحصل من الذهب في بركة في دار الخلافة فكان يقف على حافتها ويقول أترى أعيش حتى أملأها وكان المستنصر يقف على حافتها ويقول أترى أعيش حتى أنفقها كلها فكان يبني الربط والخانات والقناطر في الطرقات من سائر الجهات وقد عمل بكل محلة من محال بغداد دار ضيافة للفقراء لا سيما في شهر رمضان وكان يتقصد الجواري اللائي قد بلغن الاربعين فيشترين له فيعتقهن ويجهزهن ويزوجهن وفي كل وقت يبرز صلاته ألوف متعددة من الذهب تفرق في المحال ببغداد على ذوي الحاجات والارامل والايتام وغيرهم تقبل الله تعالى منه وجزاه خيرا وقد وضع ببغداد المدرسة المستنصرية للمذاهب الاربعة وجعل فيها دار حديث وحماما ودار طب وجعل لمستحقيها من الجوامك والاطعمة والحلاوات والفاكهة ما يحتاجون إليه في أوقاته ووقف عليها أوقافا عظيمة حتى قيل إن ثمن التبن من غلات ريعها يكفي المدرسة واهلها ووقف فيها كتبا نفيسة ليس في الدنيا لها نظير فكانت هذه المدرسة جمالا لبغداد وسائر البلاد وقد احترق في أول هذه السنة المشهدا لذي بسامرا المنسوب إلى على الهادي والحسن العسكري وقد كان بناه ارسلان البساسيري في أيام تغلبه على تلك النواحي في حدود سنة خمسين وأربعمائة فأمر الخليفة المستنصر باعادته إلى ما كان عليه وقد تكلمت الروافض في الاعتذار عن حريق هذا المشهد بكلام طويل بارد لا حاصل له وصنفوا فيه أخبار وأنشدوا أشعارا كثيرة لا معنى لها وهو المشهد الذي يزعمون أنه يخرج منه المنتظر الذي لاحقيقة له فلا عين ولا أثر ولو لم يبن لكان أجدر وهو الحسن بن علي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن علي ابن محمد بن الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بكر بلاء بن علي بن أبي طالب Bهم أجمعين وقبح من يغلو فيهم ويبغض بسببهم من هو أفضل منهم وكان المستنصر C كريما حليما رئيسا متوددا إلى الناس وكان جميل الصورة حسن الاخلاق