بعثت في زمن الملك العادل كسرى فتبسم الشيخ عبد الله البوتاني ومد يده فأكل فلما فرغوا قام الشيخ أبو عمر فذهب فلما ذهب قال لي البوتاني يا سيدنا ماذا إلا رجل صالح .
قال أبو شامة كان البوتاني من الصالحين الكبار وقد رأيته وكانت وفاته بعد ابي عمر بعشر سنين فلم يسامح الشيخ أبا عمر في تساهله مع ورعه ولعله كان مسافرا والمسافر لا جمعة عليه وعذر الشيخ أبي عمر أن هذا قد جرى مجرى الأعلام العادل الكامل الأشرف ونحوه كما يقال سالم وغانم ومسعود ومحمود وقد يكون ذلك على الضد والعكس في هذه الاسماء فلا يكون سالما ولا غانما ولا مسعودا ولا محمودا وكذلك اسم العادل ونحوه من أسماء الملوك وألقابهم والتجار وغيرهم كما يقال شمس الدين وبدر الدين وعز الدين وتاج الدين ونحو ذلك قد يكون معكوسا على الضد والانقلاب ومثله الشافعي والحبنلي وغيرهم وقد تكون أعماله ضد ما كان عليه إمامه الأول من الزهد والعبادة ونحو ذلك وكذلك العادل يدخل إطلاقه على المشترك والله اعلم قلت هذا الحديث الذي احتج به الشيخ أبو عمر لا أصل له وليس هو في شيء من الكتب المشهورة وعجبا له ولأبي المظفر ثم لابي شامة في قبول مثل هذا واخذه منه مسلما إليه في والله أعلم .
ثم شرع أبو المظفر في ذكر فضائل أبي عمر ومناقبه وكراماته وما رآه هو وغيره من أحواله الصالحة قال وكان على مذهب السلف الصالح سمتا وهديا وكان حسن العقيدة متمسكا بالكتاب والسنة والآثار المروية يمرها كما جاءت من غير طعن على أئمة الدين وعلماء المسلمين وكان ينهى عن صحبة المتبدعين ويأمر بصحبة الصالحين الذين هم على سنة سيدا لمرسلين وخاتم النبيين وربما أنشدني لنفسه في ذلك ... أوصيكم بالقول في القرآن ... بقول أهل الحق والاتقان ... ليس بمخلوق ولا بفان ... لكن كلام الملك الديان ... آياته مشرقة المعاني ... متلوة لله باللسان ... محفوظة في الصدر والجنان ... مكتوبة في الصحف بالبنان ... والقول في الصفات يا إخواني ... كالذات والعلم مع البيان ... إمرارها من غير ما كفران ... من غير تشبيه ولا عطلان ... .
قال وانشدني لنفسه ... ألم يك ملهاة ع اللهو أنني ... بدا لي شيب الرأس والضعف والألم ... الم بي الخطب الذي لو بكيته ... حياتي حتى يذهب الدمع لم ألم ... .
قال ومرض أياما فلم يترك شيئا مما كان يعمله من الأوراد حتى كانت وفاته وقت السحر في ليلة