الشيخ أبو البركات ( محمد بن احمد بن سعيد التكريتي ) يعرف بالمؤبد كان أديبا شاعرا ومما نظمه في الوجيه النحوي حين كان حنبليا فانتقل حنفيا ثم صار شافعيا نظم ذلك في حلقة النحو بالنظامية فقال ... ألا مبلغا عني الوجيه رسالة ... وإن كان لا تجدي لديه الرسائل ... تمذهبت للنعمان بعد ابن حنبل ... وذلك لما أعوزتك المآكل ... وما اخترت قول الشافعي ديانة ... ولكنما تهوى الذي هو حاصل ... وعما قليل أنت لا شك صائر ... إلى مالك فانظر إلى ما أنت قائل ... الست الجيلية زمرد خاتون .
أم الخليفة الناصر لدين الله زوجة المستضيء كانت صالحة عابدة كثيرة البر والاحسان والصلات والاوقاف وقد بنت لها تربة إلى جانب قبر معروف وكانت جنازتها مشهورة جدا واستمر العزاء بسببها شهرا عاشت في خلافة ولدها أربعا وعشرين سنة نافذة الكلمة مطاعة الأوامر وفيها كان مولد الشيخ شهاب الدين أبي شامة وقد ترجم نفسه عند ذكر مولده في هذه السنة في الذيل ترجمة مطولة فينقل إلى سنة وفاته وذكر بدو أمره واشتغاله ومصنفاته وشيئا كثيرا من شعاره وما رؤى له من المنامات المبشرة وفيها كان ابتداء ملك جنكيز خان ملك التتار عليه من الله ما يستحقه وهو صاحب الباسق وضعها ليتحاكموا إليها يعني التتار ومن معهم من أمراء الترك ممن يبتغي حكم الجاهلية وهو والد تولى وجد هولاكو بن تولى الذي قتل الخليفة المستعصم وأهل بغداد في سنة ست وخمسين وستمائة كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى في موضعه والله سبحانه وتعالى أعلم .
سنة ستمائة من الهجرة .
في هذه السنة كانت الفرنج قد جمعوا خلقا منهم ليستعيدوا بيت المقدس من أيدي المسلمين فأشغلهم الله عن ذلك بقتال الروم وذلك أنهم اجتازوا في طريقهم بالقسطنطينية فوجدوا ملوكها قد اختلفوا فيما بينهم فحاصروها حتى فتحوها قسرا وأباحوها ثلاثة أيام قتلا وأسرا وأحرقوا اكثر من ربعها وما أصبح أحد من الروم في هذه الأيام الثلاثة إلا قتيلا أو فقيرا أو مكبولا أو أسيرا ولجأ عامة من بقي منها إلى كنيستها العظمى المسماة بايا صوفيا فقصدهم الفرنج فخرج إليهم القسيسون بالأناجيل ليتوسلوا إليهم ويتلوا ما فيها عليهم فما التفتوا إلى شيء من ذلك بل قتلوهم أجمعين أكتعين أبصعين وأخذوا ما كان في الكنيسة من الحلى والأذهاب والأموال التي لا تحصى ولا