قد انقطعت من الحياة علقهم وعميت عن النجاة طرقهم ووقعت الفكرة فيما هم عليه قادمون وقاموا على صلاتهم وودوا لو كانوا من الذين عليها دائمون إلى ان اذن بالركود واسعف الهاجدون بالهجود فأصبح كل مسلم على رفيقه ويهنيه بسلامة طريقه ويرى انه قد بعث بعد النفخة وأفاق بعدا لصحية والصرخة وان الله قد رد له الكرة واحياه بعد ان كاد ياخذه على غرة ووردت الاخبار بأنها قد كسرت المراكب في البحار والاشجار في القفار واتلفت خلقا كثيرا من السفار ومنهم من فر فلا ينفعه الفرار إلى ان قال ولا يحسب المجلس أني أرسلت القلم محرفا والعلم مجوفا فالأمر اعظم ولكن الله سلم ونرجو ان الله قد ايقظنا بما به وعظنا ونبهنا بما فيه ولهنا فما من عباده إلا من رأى القيامة عيانا ولم يلتمس عليها من بعد ذلك برهانا إلا أهل بلدنا فما قص الاولون مثلها في المثلات ولا سبقت لها سابقة في المعضلات والحمد لله الذي من فضله قد جعلنا نخبر عنها ولا يخبر عنا ونسأل الله أن يصدف يصرف عنا عارض الحرص والغرور ولا يجعلنا من أهل الهلاك والثبور .
وفيها كتب القاضي الفاضل من مصر إلى الملك العادل بدمشق بحثه على قتال الفرنج ويشكره على ما هو بصدده من محاربتهم وحفظ حوزة الاسلام فمن ذلك قوله في بعض تلك الكتب هذه الاوقات التي انتم فيها عرائس الاعمار وهذه النفقات التي تجري على أيديكم مهور الحور في دار القرار وما أسعد من أودع يد الله ما في يديه فتلك نعم الله عليه وتوفيقه الذي ما كل من طلبه وصل إليه وسواد العجاج في هذه المواقف بباطن ما سودته الذنوب من الصحائف فما أسعد تلك الوقفات وما أعود بالطمأنينة تلك الرجعات وكتب أيضا أدام الله ذلك الاسم تاجا على مفارق المنابر والطروس وحياه للدينا وما فيها من الأجساد والنفوس وعرف المملوك من الأمر الذي اقتضته المشاهدة وجرت به العافية في سرور ولا يزيد على سيبه الحال بقوله ... ألم تر ان المرء تدوي يمينه ... فيقطعها عمدا ليسلم سائره ... .
ولو كان فيها تدبير لكان مولانا سبق إليه ومن قلم من الاصبع ظفرا فقد طلب إلى الجسد بفعله نفعا ودفع عنه ضررا وتجشم المكروه ليس بضائر إذا كان ما جلبه سببا إلى المحمود وآخر سنوه أول كل غزوة فلا يسأم مولانا نية الرباط وفعلها وتجشم الكلف وحملها فهو إذا صرف وجهه إلى وجه واحد وهو وجه الله صرف الوجوه إليه كلها والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين الله وفي هذه السنة انقضت مدة الهدنة التي كان عقدها الملك صلاح الدين للفرنج فأقبلوا بحدهم وحديدهم فتلقاهم الملك العادل بمرج عكا فكسرهم وغنمهم وفتح يافا عنوة ولله الحمد والمنة وقد كانوا كتبوا إلى ملك الالمان يستنهضونه لفتح بيت المقدس فقدر الله هلاكه سريعا وأخذت الفرنج