أمير لتخريب سور عسقلان وإخراج من بها من الفرنج وعاد السلطان إلى القدس فرتب أحواله ووطدها وسدد أموره وأكدها وزاد وقف المدرسة سوقا بدكاكينها وأرضا ببساتينها وزاد وقف الصوفية وعزم على الحج عامه ذلك فكتب إلى الحجاز واليمن ومصر والشام ليعلموا بذلك ويتأهبوا له فكتب إليه القاضي الفاضل ينهاه عن ذلك خوفا على البلاد من إستيلاء الفرنج عليها ومن كثرة المظالم بها وفساد الناس والعسكر وقلة نصحهم وأن النظر في أحوال المسلمين خير لك في عامك هذا والعدو مخيم بعد بالشام وأنت تعلم أنهم يهادنون ليتقووا ويكثروا ثم يمكروا ويغدروا فسمع السلطان منه وشكر نصحه وترك ما عزم عليه وكتب به إلى سائر الممالك واستمرة مقيما بالقدس جميع شهر رمضان في صيام وصلاة وقرآن وكلما وفد أحد من رؤساء الفرنج للزيارة فعل معه غاية الإكرام تأليفا لقلوبهم ولم يبق أحد من ملوكهم إلا جاء لزيارة القمامة متنكرا ويحضر سماط السلطان فيمن حضر من جمهورهم بحيث لايرى والسلطان لايعلم ذلك جملة ولاتفصيلا ولهذا كان يعاملهم بالإكرام ويريهم صفحا جميلا وبرا جزيلا فلما كان في خامس شوال ركب السلطان في العساكر فبرز من القدس قاصدا دمشق واستناب على القدس عز الدين جوردبك وعلى قضائها بهاء الدين بن يوسف بن رافع بن تميم الشافعي فاجتاز على وادي الجيب وبات على بركة الداوية ثم أصبح في نابلس فنظر في أحوالها ثم ترحل عنها فجعل يمر بالقلاع والحصون والبلدان فينظر في أحوالها ويكشف المظالم عنها وفي أثناء الطريق جاء إلى خدمته بيمند صاحب إنطاكية فأكرمه وأحسن إليه وأطلق له أموالا جزيلة وخلعا وكان العماد الكاتب في صحبته فأخبر عن منازله منزلة منزلة إلى أن قال وعبر يوم الإثنين عين الحر إلى مرج بيوس وقد زال البوس وهناك وفد عليه أعيان دمشق وأماثلها ونزل يوم الثلاثاء على العرادة وجاءه هناك التحف والمتلقون على العادة وأصبحنا يوم الأربعاء سادس عشر شوال بكرة بجنة دمشق داخلين بسلام آمنين وكانت غيبة السلطان عنها أربع سنين فأخرجت دمشق أثقالها وأبرزت نساءها وأطفالها ورجالها وكان يوم الزينة وخرج أكثر أهل المدينة واجتمع أولاده الكبار والصغار وقدم عليه رسل الملوك من سائر الأمصار وأقام بقية عامه في اقتناص الصيد وحضور دار العدل والعمل بالإحسان والفضل ولما كان عيد الأضحى امتدحه بعض الشعراء بقصيدة يقول فيها ... وأبيها لولا تغزل عينها ... لما قلة في التغزل شعرا ... ولكانت مدائح الملك النا ... صرو إلى مافيه أعمل فكرا ... ملك طبق المالك بالعد ... ل مثلما أوسع البرية برا