وهي مدينة صور فكتب الصلح بذلك وأن من لم يبذل ما شرط عليه إلى أربعين يوما فهو أسير فكان جملة من أسر بهذا الشرط ستة عشر ألف أسير من رجال ونساء وولدان ودخل السلطان والمسلمون البلد يوم الجمعة قبل وقت الصلاة بقليل وذلك يوم السابع والعشرين من رجب قال العماد وهي ليلة الإسراء برسول الله ( ص ) من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى قال أبو شامة وهو أحد الأقوال في الإسراء ولم يتفق للمسلمين صلاة الجمعة يومئذ خلافا لمن زعم أنها أقيمت يومئذ وأن السلطان خطب بنفسه بالسواد والصحيح أن الجمعة لم يتمكنوا من إقامتها يومئذ لضيق الوقت وإنما اقيمت في الجمعة المقبلة وكان الخطيب محي الدين بن محمد بن علي القرشي ابن الزكي كما سيأتي قريبا ولكن نظفوا المسجد الأقصى مما كان فيه من الصلبان والرهبان والخنازير وخربت دور الداوية وكانوا قد بنوها غربي المحراب الكبير واتخذوا المحراب مشتا لعنهم الله فنظف من ذلك كله واعيد إلى ما كان عليه في الأيام الإسلامية وغسلت الصخرة بالماء الطاهر وأعيد غسلها بماء الورد والمسك الفاخر وابرزت للناظرين وقد كانت مستورة مخبوءة عن الزائرين ووضع الصليب عن قبتها وعادت إلى حرمتها وقد كان الفرنج قلعوا منها قطعا فباعوها من أهل البحور الجوانية بزنتها ذهبا فتعذر استعادة ما قطع منها ثم قبض من الفرنج ما كانوا بذلوه عن أنفسهم من الأموال وأطلق السلطان خلقا منهم بنات الملوك بمن معهن من النساء والصبيان والرجال ووقعت المسامحة في كثير منهم وشفع في أناس كثير فعفا عنهم وفرق السلطان جميع ما قبض منهم من الذهب في العسكر ولم يأخذ منه شيئا مما يقتني ويدخر وكان C حليما كريما مقداما شجاعا رحيما أول جمعة أقيمت ببيت المقدس بعد فتحه لما تطهر بيت المقدس مما كان فيه من الصلبان والنواقيس والرهبان والقساقس ودخله أهل الإيمان ونودي بالأذان وقرئ القرآن ووحد الرحمن كان أول جمعة أقيمت في اليوم الرابع من شعبان بعد يوم الفتح بثمان فنصب المنبر إلى جانب المحراب وبسطت البسط وعلقت القناديل وتلي التنزيل وجاء الحق وبطلت الأباطيل وصفت السجادات وكثرت السجدات وتنوعت العبادات وارتفعت الدعوات ونزلت البركات وانجلت الكربات واقيمت الصلوات وأذن المؤذنون وخرس القسيسون وزال البوس وطابت النفوس وأقبلت السعود وأدبرت النحوس وعبد الله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد وكبره الراكع والساجد والقائم والقاعد وامتلأ الجامع وسالت لرقة القلوب المدامع ولما أذن المؤذنون للصلاة قبل الزوال كادت