والضرائب وكذلك عن بلاد الشام ومصر وقد عاث الفرنج في غيبته في الأرض فسادا فأرسل إلى العساكر فاجتمعوا إليه وكان قد بشر بفتح بيت المقدس حين فتح حلب وذلك أن الفقيه مجد الدين بن جهبل الشافعي رأى في تفسير أبي الحكم العربي عند قوله آلم غلبت الروم في أدنى الأرض الآية البشارة بفتح بيت المقدس في سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة واستدل على ذلك بأشياء فكتب ذلك في ورقة وأعطاها للفقيه عيسى الهكاري ليبشر بها السلطان فلم يتجاسر على ذلك خوفا من عدم المطابقة فأعلم بذلك القاضي محي الدين بن الزكي فنظم معناها في قصيدة يقول فيها ... وفتحكم حلب الشهباء في صفر ... قضى لكم بافتتاح القدس في رجب ... وقدمها إلى السلطان فتاقت نفسه إلى ذلك فلما افتتحها كما سيأتي أمر ابن الزكي فخطب يومئذ وكان يوم الجمعة ثم بلغه بعد ذلك أن ( ابن ) جهبل هو الذي قال ذلك أولا فأمره فدرس على نفس الصخرة درسا عظيما فأجزل له العطاء وأحسن عليه الثناء فصل ثم رحل من حلب في أواخر ربيع الآخر واستخلف على حلب ولده الظاهر غازي وولي قضاءها لابن الزكي فاستناب له فيها نائبا وسار مع السلطان فدخلوا دمشق في ثالث جمادى الأولى وكان ذلك يوما مشهودا ثم برز منها خارجا إلى قتال الفرنج في أول جمادى الآخرة قاصدا نحو بيت المقدس فانتهى إلى بيسان فنهبها ونزل على عين جالوت وأرسل بين يديه سرية هائلة فيها بردويل وطائفة من النورية وجاء مملوك عمه أسد الدين فوجدوا جيش الفرنج قاصدين إلى أصحابهم نجدة فالتقوا معهم فقتلوا من الفرنج خلقا واسروا مائة أسير ولم يفقد من المسلمين سوى شخص واحد ثم عاد في آخر ذلك اليوم وبلغ السلطان أن الفرنج قد اجتمعوا لقتاله فقصدهم وتصدى لهم لعلم يصافونه فالتقى معهم فقتل منهم خلقا كثيرا وجرح مثلهم فرجعوا ناكصين على أعقابهم خائفين منه غاية المخافة ولا زال جيشه خلفهم يقتل ويأسر حتى غزوا في بلادهم فرجعوا عنهم وكتب القاضي الفاضل إلى الخليفة يعلمه بما من الله عليه وعلى المسلمين من نصرة الدين وكان لا يفعل شيئا ولا يريد أن يفعله إلا أطلع عليه الخليفة أدبا واحتراما وطاعة واحتشاما فصل وفي رجب سار السلطان إلى الكرك فحاصرها وفي صحبته تقي الدين عمر بن أخيه وقد كتب لأخيه العادل ليحضر عنده ليوليه حلب وأعمالها وفق ما كان طلب واستمر الحصار على الكرك