تكون حلب واعمالها للملك الصالح فقط فكتبوا بذلك الكتاب فلما كان المساء بعث السلطان الصالح إسماعيل يطلب منه زيادة قلعة اعزاز وأرسل بأخت له صغيرة وهي الخاتون بنت نور الدين ليكون ذلك ادعى له بقبول السؤال وأنجع في حصول النوال فحين رآها السلطان قام قائما وقبل الأرض واجابها إلى سؤالها وأطلق لها من الجواهر والتحف شيئا كثيرا ثم ترحل عن حلب فقصد الفداوية الذين اعتدوا عليه فحاصر حصنهم مصبات فقتل وسبى وحرق وأخذ بقارهم وخرب ديارهم ثم شفع فيهم خاله شهاب الدين محمود بن تتش صاحب حماه لأنهم جيرانه فقبل شفاعته واحضر إليه نائب بعلبك الأمير شمس الدين محمد بن الملك مقدم الذي كان نائب دمشق جماعة من أسارى الفرنج الذين عاثوا في البقاع في غيبته فجدد ذلك له الغزو في الفرنج فصالح الفداوية الإسماعيلية أصحاب سنان ثم كر راجعا إلى دمشق فتلقاه أخوه شمس الدولة توران شاه فلقبه الملك المعظم وعزم الناصر على دخول مصر وكان القاضي كمال الدين محمد الشهرزوي قد توفي في السادس من المحرم من هذه السنة وقد كان من خيار القضاة وأخص الناس بنور الدين الشهيد فوض إليه نظر الجامع ودار الضرب وعمارة الأسوار والنظر في المصالح العامة ولما حضرته الوفاة أوصى بالقضاء لابن أخيه ضياء الدين بن تاج الدين الشهرزوري ومع أنه كان يجد عليه لما كان بينه وبينه حين كان صلاح الدين سجنه بدمشق وكان يعاكسه ويخالفه ومع هذا أمضى وصيته لابن أخيه فجلس في مجلس القضاء على عادة عمه وقاعدته وبقي في نفس السلطان من تولية شرف الدين أبى سعيد عبد الله بن أبي عصرون الحلبى وكان قد هاجر إلى السلطان إلى دمشق فوعده أن يوليه قضاءها وأسر بذلك إلى القاضي الفاضل فأشار الفاضل على الضياء أن يستعفي من القضاء فاستعفى فأعفى وترك له وكالة بيت المال وولي السلطان ابن أبي عصرون على أن يستنيب القاضي محيي الدين أبي المعالي محمد بن زكي الدين ففعل ذلك ثم بعد ذلك أستقل بالحكم محيى الدين أبو حامد بن أبي عصرون عوضا عن أبيه شرف الدين بسبب ضعف بصره وفي صفر منها وقف السلطان الناصر قرية حزم على الزاوية الغزالية ومن يشتغل بها بالعلوم الشرعية وما يحتاج إليه الفقيه وجعل النظر لقطب الدين النيسابوري مدرسها وفي هذا الشهر تزوج السلطان الملك الناصر بالست خاتون عصمة الدين بنت معين الدين أنر وكانت زوجة نور الدين محمود وكانت مقيمة بالقلعة وولي تزويجها منه أخوها الأمير سعد الدين بن أنر وحضر القاضي ابن عصرون العقد ومن معه من العدول وبات الناصر عندها تلك الليلة والتي بعدها ثم سافر إلى مصر بعد يومين ركب يوم الجمعة قبل الصلاة فنزل مرج الصفر ثم سافر فعشا قريبا من الصفين ثم سار فدخل مصر يوم السبت سادس عشر ربيع الأول من هذه السنة وتلقاه