وسبب قتله أنه اجتمع جماعة من رؤس الدولة الفاطمية الذين كانوا فيها حكاما فاتفقوا بينهم ان يردوا الدولة الفاطمية فكتبوا إلى الفرنج يستدعونهم إليهم وعينوا خليفة من الفاطميين ووزيرا وأمراء وذلك في غيبة السلطان ببلاد الكرك ثم اتفق مجيئه فحرض عمارة اليمني شمس الدولة توران شاه على المسير إلى اليمن ليضعف بذلك الجيش عن مقاومة الفرنج إذا قدموا لنصرة الفاطميين فخرج توران شاه ولم يخرج معه عمارة بل أقام بالقاهرة يفيض في هذا الحديث ويداخل المتكلمين فيه ويصافيهم وكان من أكابر الدعاة إليه والمحرضين عليه وقد أدخلوا معهم فيه بعض من ينسب إلى صلاح الدين وذلك من قلة عقولهم وتعجيل دمارهم فخانهم أحوج ما كانوا إليه وهو الشيخ زين الدين علي بن نجا الواعظ فإنه اخبر السلطان بما تمالؤا وتعاقدوا عليه فأطلق له السلطان أموالا جزيلة وأفاض عليه حللا جميلة ثم استدعاهم السلطان واحدا واحدا فقررهم فأقروا بذلك فاعتقلهم ثم استفتى الفقهاء في أمرهم فأفتوه بقتلهم ثم عند ذلك أمر بقتل رؤسهم وأعيانهم دون أتباعهم وغلمانهم وأمر بنفي من بقي من جيش العبيدين إلى أقصى البلاد وافرد ذرية العاضد وأهل بيته في دار فلا يصل إليهم إصلاح ولا إفساد وأجرى عليهم ما يليق بهم من الأرزاق والثياب وكان عمارة معاديا للقاضي الفاضل فلما حضر عمارة بين يدي السلطان قام القاضي الفاضل إلى السلطان ليشفع فيه عنده فتوهم عمارة أنه يتكلم فيه فقال يا مولانا السلطان لا تسمع منه فغضب الفاضل وخرج من القصر فقال له السلطان إنه إنما كان يشفع فيك فندم ندما عظيما ولما ذهب به ليصلب مر بدار الفاضل فطلبه فتغيب عنه فأنشد ... عبد الرحيم قد احتجب ... إن الخلاص هو العجب ... .
قال ابن أبي طي وكان الذين صلبوا الفضل بن الكامل القاضي وهو أبا القاسم هبة الله بن عبدالله بن كامل قاضي قضاة الديار المصرية زمن الفاطميين ويلقب بفخر الأمناء فكان أول من صلب فيما قاله العماد وقد كان ينسب إلى فضيلة وأدب وله شعر رائق فمن ذلك قوله في غلام رفاء .
... يا رافيا خرق كل ثوب ... وما رفا حبه اعتقادي ... عسى بكف الوصال ترفو ... ما مزق الهجر من فؤادي ... وابن عبدالقوي داعى الدعاة وكان يعلم بدفائن القصر فعوقب ليدل عليها فامتنع من ذلك فمات واندرست والعويرس ووهو ناظر الديوان وتولى مع ذلك القضاء وشبريا وهو كاتب السر وعبدالصمد الكاتب وهو أحد أمراء المصريين ونجاح الحمامي ومنجم نصراني كان قد بشرهم بأن هذا الأمر يتم بعلم النجوم