الملك نور الدين شديد الاهتمام قوي الاغتمام بذلك حتى قرأ عليه بعض طلبة الحديث جزءا في ذلك فيه حديث مسلسل بالتبسم فطلب منه أن يبتسم ليصل التسلسل فامتنع من ذلك وقال إني لأستحي من الله أن يراني مبتسما والمسلمون يحاصرهم الفرنج بثغر دمياط وقد ذكر الشيخ أبو شامة أن إمام مسجد أبي الدرداء بالقلعة المنصورة رأى في تلك الليلة التي أجلي فيها الفرنج عن دمياط رسول الله ( ص ) وهو يقول سلم على نور الدين وبشره بان الفرنج قد رحلوا عن دمياط فقلت يا رسول الله بأي علامة فقال بعلامة ماسجد يوم تل حارم وقال في سجوده اللهم انصر دينك ومن هو محمود الكلب فلما صلى نور الدين عنده الصبح بشره بذلك وأخبره بالعلامة فلما جاء إلى عند ذكر ( من هو محمود الكلب ) انقبض من قول ذلك فقال له نور الدين قل ما أمرك به رسول الله ( ص ) فقال صدقت وبكى نور الدين تصديقا وفرحا بذلك ثم كشفوا فإذا الأمر كما أخبر في المنام قال العماد الكاتب وفي هذه السنة عمر الملك نور الدين جامع داريا وعمر مشهد أبي سليمان الداراني بها وشتى بدمشق وفيها حاصر الكرك أربعة أيام وفارقه من هناك نجم الدين أيوب والد صلاح الدين متوجها إلى ابنه بمصر وقد وصاه نور الدين أن يأمر ابنه صلاح الدين أن يخطب بمصر للخليفة المستنجد بالله العباسي وذلك أن الخليفة بعث يعاتبه في ذلك وفيها قدم الفرنج من السواحل ليمنعوا الكرك مع ثبيب بن الرقيق وابن القنقري وكانا اشجع فرسان الفرنج فقصدهما نور الدين ليقابلهما فحادا عن طريقه وفيها كانت زلزلة عظيمة بالشام والجزيرة وعمت أكثر الأرض وتهدمت أسوار كثيرة بالشام وسقطت دور كثيرة على أهلها ولا سيما بدمشق وحمص وحماه وحلب وبعلبك سقطت أسوارها واكثر قلعتها فجدد نور الدين عمارة أكثر ماوقع بهذه الأماكن و فيها توفي .
الملك قطب الدين مودود بن زنكي .
الملك قطب الدين مودود بن زنكي أخو نور الدين محمود صاحب الموصل وله من العمر أربعون سنة ومدة ملكه منها إحدى وعشرون سنة وكان من خيار الملوك محببا إلى الرعية عطوفا عليهم محسنا إليهم حسن الشكل وتملك من بعده ولده سيف الدين غازي من الست خاتون بنت تمرتاش بن إيلغازي بن ارتق أصحاب ماردين وكان مدبر مملكته والمتحكم فيها فخر الدين عبد المسيح وكان ظالما غاشما وفيها كانت حروب كثيرة بين ملوك الغرب بجزيرة الأندلس وكذلك كانت حروب كثيرة بين ملوك الشرق ايضا وحج بالناس فيها وفيما قبلها الأمير برغش الكبير ولم ارأحدا من أكابر الأعيان توفي فيها