أمير الحاج .
يمن بن عبد الله أبو الخير المستظهر كان جوادا كريما ممدحا ذا رأي وفطنة ثاقبة وقد سمع الحديث من أبي عبد الله الحسين بن طلحة النعالي بإفادة أبي نصر الأصبهاني وكان يؤم به في الصلوات ولما قدم رسولا إلى أصبهان حدث بها توفي في ربيع الآخر من هذه السنة ودفن بأصبهان .
ثم دخلت سنة إثنتي عشرة وخمسمائة .
فيها خطب للسلطان محمد بن ملكشاه بأمر الخليفة المستظهر بالله وفيها سأل دبيس بن صدقة الأسدي من السلطان محمود أن يرده إلى الحلة وغيرها مما كان أبوه يتولاه من الأعمال فأجابه إلى ذلك فعظم وارتفع شأنه .
وفاة الخليفة المستظهر بالله .
هو أبو العباس أحمد بن المقتدي كان خيرا فاضلا ذكيا بارعا كتب الخط المنسوب وكانت أيامه ببغداد كأنها الأعياد وكان راغبا في البر والخير مسارعا إلى ذلك لا يرد سائلا وكان جميل العشرة لا يصغي إلى أقوال الوشاة من الناس ولا يثق بالمباشرين وقد ضبط أمور الخلافة جيدا وأحكمها وعلمها وكان لديه علم كثير وله شعر حسن قد ذكرناه أولا عند ذكر خلافته وقد ولي غسله ابن عقيل وابن السني وصلى عليه ولده أبو منصور الفضل وكبر أربعا ودفن في حجرة كان يسكنها ومن العجب انه لما مات السلطان الب ارسلان مات بعده الخليفة القائم ثم لما مات السلطان ملكشاة مات بعد المقتدى ثم لما مات السلطان محمد مات بعده المستظهر هذا في سادس عشر ربيع الآخر وله من العمر إحدى واربعون سنة وثلاثة أشهر وإحدى عشر يوما .
خلافة المسترشد أمير المؤمنين أبو منصور الفضل بن المستظهر لما توفي أبوه كما ذكرنا بويع له بالخلافة وخطب له على المنابر وقد كان ولي العهد من بعده مدة ثلاث وعشرين سنة وكان الذي أخذ البيعة له قاضي القضاة أبو الحسن الدامغاني ولما استقرت البيعة له هرب أخوه أبو الحسن في سفينة ومعه ثلاثة نفر وقصد دبيس بن صدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد الأسدي بالحلة فأكرمه وأحسن إليه فقلق أخوه الخليفة المسترشد من ذلك فراسل دبيسا في ذلك مع نقيب النقباء الزينبي فهرب أخو الخليفة من دبيس فأرسل إليه جيشا فألجأوه إلى البرية فلحقه عطش شديد فلقيه بدويان فسقياه ماء وحملاه إلى بغداد فاحضره أخوه إليه فأعتنقا وتباكيا وأنزله الخليفة دارا كان يسكنها قبل الخلافة وأحسن إليه وطيب نفسه وكانت مدة غيبته عن بغداد إحدى عشر شهرا وأستقرت الخلافة بلا منازعة للمسترشد وفيها كان غلاء شديد ببغداد وانقطع الغيث وعدمت الأقوات وتفاقم أمر