في مقابر الشهداء C .
المظفر أبو الفتح ابن رئيس الرؤساء أبو القاسم .
أبن المسلمة كانت داره مجمعا لأهل العلم والدين والأدب وبها توفي الشيخ أبو إسحاق الشيرازي ودفن عند الشيخ أبي إسحاق في تربته .
ثم دخلت سنة ثنتين وتسعين وأربعمائة .
فيها أخذت الفرنج بيت المقدس .
لما كان ضحى يوم الجمعة لسبع بقين من شعبان سنة ثنتين وتسعين وأربعمائة أخذت الفرنج لعنهم الله بيت المقدس شرفه الله وكانوا في نحو ألف ألف مقاتل وقتلوا في وسطه أزيد من ستين ألف قتيل من المسلمين وجاسوا خلال الديار وتبروا ماعلوا تتبيرا قال ابن الجوزي وأخذوا من حول الصخرة اثنين وأربعين قنديلا من فضة زنة كل واحد منها ثلاثة آلاف وستمائة درهم وأخذوا تنورا من فضة زنته أربعون رطلا بالشامي وثلاثة وعشرين قنديلا من ذهب وذهب الناس على وجوههم هاربين من الشام إلى العراق مستغيثين على الفرنج إلى الخليفة والسلطان منهم القاضي أبو سعد الهروي فلما سمع الناس ببغداد هذا الأمر الفظيع هالهم ذلك وتباكوا وقد نظم أبو سعد الهروى كلاما قرىء في الديوان وعلى المنابر فارتفع بكاء الناس وندب الخليفة الفقهاء إلى الخروج إلى البلاد ليحرضوا الملوك على الجهاد فخرج ابن عقيل وغير واحد من أعيان الفقهاء فساروا في الناس فلم يفد ذلك شيئا فإنا لله وإنا إليه راجعون فقال في ذلك أبو المظفر الأبيوردي شعرا ... مزجنا دمانا بالدموع السواجم ... فلم يبق منا عرضة للمراجم ... وشر سلاح المرء دمع يريقه ... إذا الحرب شبت نارها بالصوارم ... فأيها بنى الاسلام إن وراءكم ... وقائع يلحقن الذرى بالمناسم ... وكيف تنام العين ملء جفونها ... على هفوات ايقظت كل نائم ... وإخوانكم بالشام يضحي مقيلهم ... ظهور المذاكي أو بطون القشاعم ... تسومهم الروم الهوان وانتم ... تجرون ذيل الخفض فعل المسالم ... ومنها قوله ... وبين اختلاس الطعن والضرب وقفة ... تظل لها الولدان شيب القوادم ... وتلك حروب من يغب عن غمارها ... ليسلم يقرع بعدها سن نادم ... سللن بأيدي المشركين قواضبا ... ستغمد منهم في الكلي والجماجم ... يكاد لهن المستجير بطيبة ... ينادي بأعلا الصوت ياآل هاشم ... أرى أمتي لا يشرعون إلى العدا ... رماحهم والدين واهي الدعائم ... ويجتنبون النار خوفا من الردى ... ولا يحسبون العار ضربة لازم