وقلعة عرقة وقلعة فامية ومعه قسيم الدولة أقسنقر وكان السلطان قد جهز سرية إلى اليمن صحبة سعد كوهرائين الدولة وأمير آخر من التركمان فدخلاها وأساءا فيها السيرة فتوفى سعد كوهرائين يوم دخوله إليها في مدينة عدن ولله الحمد والمنة وممن توفي فيها من الأعيان بن يحيى بن عبد الله .
أبو الفضل المتممى المعروف بالحكاك المكي رحل في طلب الحديث إلى الشام والعراق وأصبهان وغير ذلك من البلاد وسمع الكثير وخرج الأجزاء وكان حافظا متقنا وضابطا أديبا ثقة صدوقا وكان يراسل صاحب مكة وكان من ذوي الهيئات والمروءات قارب الثمانين C .
نظام الملك الوزير الحسن بن علي بن إسحاق أبو علي وزر للملك ألب أرسلان وولده ملكشاه تسعا وعشرين سنة كان من خيار الوزراء ولد بطوس سنة ثمان وأربعمائة وكان أبوه من أصحاب محمود بن سبكتكين وكان من الدهاقين فأشغل ولده هذا فقرأ القرآن وله إحدى عشرة سنة وأشغله بالعلم والقراءات والتفقه على مذهب الشافعي وسماع الحديث واللغة والنحو وكان عالي الهمة فحصل من ذلك طرفا صالحا ثم ترقى في المراتب حتى وزر للسلطان ألب ارسلان بن داود بن ميكائيل بن سلجوق ثم من بعد لملكشاه تسعا وعشرين سنة لم ينكب في شيء منها وبنى المدارس النظامية ببغداد ونيسابور وغيرهما وكان مجلسه عامرا بالفقهاء والعلماء بحيث يقضي معهم غالب نهاره فقيل له إن هؤلاء شغلوك عن كثير من المصالح فقال هؤلاء جمال الدنيا والآخرة ولو أجلستهم على رأسي لما استكثرت ذلك وكان إذا دخل عليه أبو القاسم القشيري وأبو المعالي الجويني قام لهما وأجلسهما معه في المقعد فإذا دخل أبو علي الفارمدي قام وأجلسه مكانه وجلس بين يديه فعوتب في ذلك فقال إنهما إذا دخلا علي قال أنت أنت يطروني ويعظموني ويقولوا في ما ليس في فأزداد بهما ما هو مركوز في نفس البشر وإذا دخل على أبو علي الفارندى ذكرنى عيوبى وظلمىفأنكسر فأرجع عن كثير من الذي أنا فيه وكان محافظا على الصلوات في أوقاتها لا يشغله بعد الأذان شغل عنها وكان يواظب على صيام الإثنين والخميس وله الأوقاف الدارة والصدقات البارة وكان يعظم الصوفية تعظيما زائدا فعوتب في ذلك فقال بينما أنا أخدم بعض الملوك جاءني يوما إنسان فقال لي إلى متى أنت تخدم من تأكله الكلاب غدا اخدم من تنفعك خدمته ولا تخدم من تأكله الكلاب غدا فلم أفهم ما يقول فاتفق أن ذلك الأمير سكر تلك الليلة فخرج في أثناء الليل وهوثمل وكانت له كلاب تفترس الغرباء بالليل فلم تعرفه فمزقته فأصبح وقد أكلته الكلاب قال فأنا أطلب مثل ذلك الشيخ وقد سمع الحديث في أماكن شتى ببغداد وغيرها