أما بعد فهذا الكتاب أذكر فيه بعون الله وحسن توفيقه ما يسره الله تعالى بحوله وقوته من ذكر مبدإ المخلوقات من خلق العرش والكرسي والسموات والأرضين وما فيهن وما بينهن من الملائكة والجان والشياطين وكيفية خلق آدم عليه السلام وقصص النبيين وما جرى مجرى ذلك إلى أيام بني إسرائيل وأيام الجاهلية حتى تنتهي النبوة إلى أيام نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه فنذكر سيرته كما ينبغي فتشفي الصدور والغليل وتزيح الداء عن العليل ثم نذكر ما بعد ذلك إلى زماننا ونذكر الفتن والملاحم وأشراط الساعة ثم البعث والنشور وأهوال القيامة ثم صفة ذلك وما في ذلك اليوم وما يقع فيه من الأمور الهائلة ثم صفة النار ثم صفة الجنان وما فيها من الخيرات الحسان وغير ذلك وما يتعلق به وما ورد في ذلك من الكتاب والسنة والآثار والأخبار المنقولة المعتولة عند العلماء وورثة الأنبياء الآخذين من مشكاة النبوة المصطفوية المحمدية على من جاء بها أفضل الصلاة والسلام .
ولسنا نذكر من الإسرائيليات إلا ما أذن الشارع في نقله مما لا يخالف كتاب الله وسنة رسوله A وهو القسم الذي لا يصدق ولا يكذب مما فيه بسط لمختصر عندنا أو تسمية لمبهم ورد به شرعنا مما لا فائدة في تعيينه لنا فنذكره على سبيل التحلي به لا على سبيل الاحتياج إليه والإعتماد عليه وإنما الإعتماد والإستناد على كتاب الله وسنة رسول الله A ما صح نقله أو حسن وما كان فيه ضعف نبينه وبالله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم العلي العظيم .
فقد قال الله تعالى في كتابه كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا وقد قص الله على نبيه A خبر ما مضى من خلق المخلوقات وذكر الأممم الماضين وكيف فعل بأوليائه وماذا أحل بأعدائه وبين ذلك رسول الله A لأمته بيانا شافيا سنورد عند كل فصل ما وصل إلينا عنه صلوات الله وسلامه عليه من ذلك تلو الآيات الواردات ( 1 ) في ذلك فأخبرنا بما نحتاج إليه من ذلك وترك ما لا فائدة فيه مما قد يتزاحم على علمه ويتراجم في فهمه طوائف من علماء اهل الكتاب مما لا فائدة فيه لكثير من الناس إليه وقد يستوعب نقله طائفة من علمائنا ولسنا نحذو حذوهم ولا ننحو نحوهم ولا نذكر منها إلا القليل على سبيل الإختصار ونبين ما فيه حق مما وافق ما عندنا وما خالفه فوقع فيه الإنكار .
فأما الحديث الذي رواه البخاري C في صحيحه عن عمرو بن العاص Bه أن رسول الله A قال بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج وحدثوا عني ولا تكذبوا علي ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار فهو محمول على الإسرائيليات المسكوت عنها