في الأتون وأكلها فقيل وسقط طائر ميت من حائط فاحتوشته خمسة أنفس فاقتسموه وأكلوه وورد كتاب من بخارى أنه مات في يوم واحد منها ومن معاملتها ثمانية عشر ألف إنسان وأحصى من مات في هذا الوباء من تلك البلاد إلى يوم كتب فيه هذا الكتاب بألف ألف وخمسمائة ألف وخمسين ألف إنسان والناس يمرون في هذه البلاد فلا يرون إلا أسواقا فارغة وطرقات خالية وأبوابا مغلقة ووحشة وعدم أنس حكاه ابن الجوزي قال وجاء الخبر من أذربيجان وتلك البلاد بالوباء العظيم وأنه لم يسلم من تلك البلاد إلا العدد اليسير جدا قال ووقع وباء بالأهواز وبواط وأعمالها وغيرها حتى طبق البلاد وكان أكثر سبب ذلك الجوع كان الفقراء يشوون الكلاب وينبشون القبور ويشوون الموتى ويأكلونهم وليس للناس شغل في الليل والنهار إلا غسل الأموات وتجهيزهم ودفنهم فكان يحفر الحفير فيدفن فيه العشرون والثلاثون وكان الإنسان بينما هو جالس إذ انشق قلبه عن دم المهجة فيخرج منه إلى الفم قطرة فيموت الإنسان من وقته وتاب الناس وتصدقوا بأكثر أموالهم فلم يجدوا أحدا يقبل منهم وكان الفقير تعرض عليه الدنانير الكثيرة والدراهم والثياب فيقول أنا أريد كسرة أريد ما يسد جوعي فلا يجد ذلك وأراق الناس الخمور وكسروا آلات اللهو ولزموا المساجد للعبادة وقراءة القرآن وقل دار يكون فيها خمر إلا مات أهلها كلهم ودخل على مريض له سبعة أيام في النزع فأشار بيده إلى مكان فوجدوا فيه خابية من خمر فأراقوها فمات من وقته بسهولة ومات رجل في مسجد فوجدوا معه خمسين ألف درهم فعرضت على الناس فلم يقبلها أحد فتركت في المسجد تسعة أيام لا يريدها أحد فلما كان بعد ذلك دخل أربعة ليأخذوها فماتوا عليها فلم يخرج من المسجد منهم أحد حي بل ماتوا جميعا وكان الشيخ أبو محمد عبدالجبار بن محمد يشتغل عليه سبعمائة متفقه فمات وماتوا كلهم إلا اثني عشر نفرا منهم ولما اصطلح السلطان دبيس بن علي رجع إلى بلاده فوجدها خرابا لقلة أهلها من الطاعون فأرسل رسولا منهم إلى بعض النواحي فتلقاه طائفة فقتلوه وشووه وأكلوه قال ابن الجوزي وفي يوم الأربعاء لسبع بقين من جمادى الآخرة احترقت قطيعة عيسى وسوق الطعام والكنيس وأصحاب السقط وباب الشعير وسوق العطارين وسوق العروس والأنماطيين والخشابين والجزارين والتمارين والقطيعة وسوق مخول ونهر الزجاج وسويقة غالب والصفارين والصباغين وغير ذلك من المواضع وهذه مصيبة أخرى ما بالناس من الجوع والغلاء والفناء ضعف الناس حتى طغت النار فعملت أعمالها فإنا لله وإنا إليه راجعون وفيها كثرت العياريون ببغداد وأخذوا الأموال جهارا وكبسوا الدور ليلا ونهارا وكبست دار أبي جعفر الطوسي متكلم الشيعة وأحرقت كتبه ومآثره ودفاتره التي كان يستعملها في ضلالته وبدعته ويدعو إليها أهل