واستخلف عليهم طاهر بن الحسين فطمع في الملك بعده واستمال أهل البلد فلما رجع من الحج لم يسلمه البلد وعصى عليه فذهب إلى بخارا إلى الأمير منصور بن نوح الساماني فاستنجده فبعث معه جيشا فاستنقذ البلد من طاهر وسلمها إلى الأمير خلف بن أحمد وقد كان خلف عالما محبا للعلماء فذهب طاهر فجمع جموعا ثم جاء فحاصر خلفا وأخذ منه البلد فرجع خلف إلى الأمير منصور الساماني فبعث معه من استرجع له البلد ثانية وسلمها إليه فلما استقر خلف بها وتمكن منها منع ما كان يحمله من الهدايا والتحف والخلع إلى الأمير منصور الساماني ببخارا فبعث إليه جيشا فتحصن خلف في حصن يقال له حصن إراك فنازله الجيش فيه تسع سنين لم يقدروا عليه وذلك لمناعة هذا الحصن وصعوبته وعمق خندقه وارتفاعه وسيأتي ما آل إليه أمر خلف بعد ذلك وفيها قصدت طائفة من الترك بلاد الخزر فاستنجد أهل الخزر بأهل خوارزم فقالوا لهم لو أسلمتم لنصرناكم فأسلموا إلا ملكهم فقاتلوا معهم الترك فأجلوهم عنها ثم أسلم الملك بعد ذلك ولله الحمد والمنة وممن توفي فيها من الأعيان المتنبي الشاعر المشهور أحمد بن الحسين بن عبدالصمد أبو الطيب الجعفي الشاعر المعروف بالمتنبي كان أبوه يعرف بعيدان السقا وكان يسقي الماء لأهل الكوفة على بعير له وكان شيخا كبيرا وعيدان هذا قال ابن ماكولا والخطيب هو بكسر العين المهملة وبعدها ياء مثناة من تحت وقيل بفتح العين لا كسرها فالله أعلم كان مولد المتنبي بالكوفة سنة ست وثلثمائة ونشأ بالشام بالبادية فطلب الأدب ففاق أهل زمانه فيه ولزم جناب سيف الدولة بن حمدان وامتدحه وحظى عنده ثم صار إلى مصر وامتدح الأخشيد ثم هجاه وهرب منه وورد بغداد فامتدح بعض أهلها وقدم الكوفة ومدح ابن العميد فوصله من جهته ثلاثون ألف دينار ثم سار إلى فارس فامتدح عضد الدولة بن بويه فأطلق له أموالا جزيلة تقارب مائتي ألف درهم وقيل بل حصل له منه نحو من ثلاثين ألف دينار ثم دس إليه من يسأله أيما أحسن عطايا عضد الدولة بن بويه أو عطايا سيف الدولة بن حمدان فقال هذه أجزل وفيها تكلف وتلك أقل ولكن عن طيب نفس من معطيها لأنها عن طبيعة وهذه عن تكلف فذكر ذلك لعضد الدولة فتغيظ عليه ودس عليه طائفة من الأعراب فوقفوا له في أثناء الطريق وهو راجع إلى بغداد ويقال إنه كان قد هجى مقدمهم ابن فاتك الأسدي وقد كانوا يقطعون الطريق فلهذا أوعز إليهم عضد الدولة أن يتعرضوا له فيقتلوه ويأخذوا له ما معه من الأموال فانتهوا إليه ستون راكبا في يوم الأربعاء وقد بقي من رمضان ثلاثة أيام وقيل بل قتل في يوم الأربعاء لخمس بقين من رمضان وقيل بل كان ذلك في شعبان وقد نزل عند عين تحت شجرة أنجاص وقد وضعت سفرته ليتغدى ومعه ولده محسن وخمسة عشر غلاما له فلما رآهم قال هلموا يا وجوه العرب إلى الغداء فلما لم يكلموه أحس بالشر فنهض إلى