حتى لو أمرت بقتله قتله أصحابك ولو وليت رجلا من العلويين اعتقدت أنت وأصحابك ولايته صحيحة فلو أمرت بقتله لم تطع بذلك ولو أمر بقتلك لقتلك أصحابك فلما فهم ذلك صرفه عن رأيه الأول وترك ما كان عزم عليه للدنيا لا لله D ثم نشبت الحرب بين ناصر الدولة بن حمدان وبين معز الدولة بن بويه فركب ناصر الدولة بعد ما خرج معز الدولة والخليفة إلى عكبرا فدخل بغداد فأخذ الجانب الشرقي ثم الغربي وضعف أمر معز الدولة والديلم الذين كانوا معه ثم مكر به معز الدولة وخدعه حتى استظهر عليه وانتصر أصحابه فنهبوا بغداد وما قدروا عليه من أموال التجار وغيرهم وكان قيمة ما أخذ أصحاب معز الدولة من الناس عشرة آلاف ألف دينار ثم وقع الصلح بين ناصر الدولة ومعز الدولة ورجع ابن حمدان إلى بلده الموصل واستقر أمر معز الدولة ببغداد ثم شرع في استعمال السعاة ليبلغ أخاه ركن الدولة أخباره فغوى الناس في ذلك وعلموا أبناءهم سعاة حتى أن من الناس من كان يقطع نيفا وثلاثين فرسخا في يوم واحد وأعجبه المصارعون والملاكون وغيرهم من أرباب هذه الصناعات التي لا ينتفع بها إلا كل قليل العقل فاسد المروءة وتعلموا السباحة ونحوها وكانت تضرب الطبول بين يديه ويتصارع الرجال والكوسان تدق حول سور المكان الذي هو فيه وكل ذلك رعونة وقلة عقل وسخافة منه ثم احتاج إلى صرف أموال في أرزاق الجند فأقطعهم البلاد عوضا عن أرزاقهم فأذى ذلك إلى خراب البلاد وترك عمارتها إلا الأراضي التي بأيدي أصحاب الجاهات وفي هذه السنة وقع غلاء شديد ببغداد حتى أكلوا الميتة والسنانير والكلاب وكان من الناس من يسرق الأولاد فيشويهم ويأكلهم وكثر الوباء في الناس حتى كان لا يدفن أحد أحدا بل يتركون على الطرقات فيأكل كثيرا منهم الكلاب وبيعت الدور والعقار بالخبز وانتجع الناس إلى البصرة فكان منهم من مات في الطريق ومنهم من وصل إليها بعد مدة مديدة وفيها كانت وفاة القائم بأمر الله أبي القاسم محمد بن عبدالله المهدي وولى الأمر من بعده ولده المنصور إسماعيل وكان حازم الرأي شديدا شجاعا ما ذكرنا ذلك في السنة الماضية وكانت وفاته في شوال من هذه السنة على الصحيح وفيها توفي الأخشيد محمد بن طغج صاحب الديار المصرية والبلاد الشامية كانت وفاته بدمشق وله من العمر بضع وستون سنة وأقيم ولده أبو القاسم أبو جور وكان صغيرا وأقيم كافور الأخشيد أتابكه وكان يدبر المالك بالبلاد كلها واستحوذ على الأمور كلها وسار إلى مصر فقصد سيف الدولة بن حمدان دمشق فأخذها من أصحاب الأخشيد ففرح بها فرحا شديدا واجتمع بمحمد ابن محمد بن نصر الفارابي التركي الفليسوف بها وركب سيف الدولة يوما مع الشريف العقيلي في