بعضها بعضا فيا ويلهم ثم ياويلهم إنما أكرم من أكرمني وأهين من هان عليه أمري إن من كان قبل هؤلاء القوم من القرون يستخفون بمعصيتي وإن هؤلاء القوم يتبرعون بمعصيتي تبرعا فيظهرونها في المساجد والأسواق وعلى رؤس الجبال وظلال الأشجار حتى عجت السماء إلى منهم وعجت الأرض والجبال ونفرت منها الوحوش بأطراف الأرض وأقاصيها وفي كل ذلك لا ينتهون ولا ينتفعون بما عملوا من الكتاب .
قال فلما بلغهم أرميا رساله ربهم وسمعوا ما فيها من الوعيد والعذاب عصوه وكذبوه وأتهموه وقالوا كذبت وأعظمت على الله الفرية فتزعم أن الله معطل أرضه ومساجده من كتابه وعبادته وتوحيده فمن يعبده حين لا يبقى له في الأرض عابد ولا مسجد ولا كتاب لقد أعظمت الفرية على الله واعتراك الجنون فأخذوه وقيدوه وسجنوه فعند ذلك بعث الله عليهم بخت نصر فأقبل يسير بجنوده حتى نزل بساحتهم ثم حاصرهم فكان كما قال تعالى فجاسوا خلال الديار قال فلما طال بهم الحصر نزلوا على حكمه ففتحوا الأبواب وتخللوا الأزقة وذلك قوله فجاسوا خلال الديار وحكم فيهم حكم الجاهلية وبطش الجبارين فقتل منهم الثلث وسبى الثلث ترك الزمني والشيوخ والعجائز ثم وطئهم بالخيل وهدم بيت المقدس وساق الصبيان وأوقف النساء في الأسواق حاسرات وقتل المقاتلة وخرب الحصون وهدم المساجد وحرق التوراة وسأل عن دانيال الذي كان قد كتب له الكتاب فوجدوه قد مات وأخرج لهم أهل بيته الكتاب إليه وكان فيهم دانيال بن حزقيل الأصغر وميشائيل وعزرائيل وميخائيل فأمضى لهم ذلك الكتاب وكان دانيال بن حزقيل خلفا من دانيال الأكبر ودخل بخت نصر بجنوده بيت المقدس ووطىء الشام كلها وقتل بني إسرائيل حتى أفناهم فلما فرع منها انصرف راجعا وحمل الأموال التي كانت بها وساق السبايا فبلغ معه عدة صبيانهم من أبناء الأحبار والملوك تسعين ألف غلام وقذف الكناسات في بيت المقدس وذبح فيه الخنازير وكان الغلمان سبعة آلاف غلام من بيت داود وأحد عشر ألفا من سبط يوسف بن يعقوب وأخيه بنيامين وثمانية آلاف من سبط ايشى بن يعقوب وأربعة عشر ألفا من سبط زبالون ونفتالي ابني يعقوب وأربعة عشر ألفا من سبط دان بن يعقوب وثمانية آلاف من سبط يستاخر بن يعقوب وألفين من سبط زبالون بن يعقوب وأربعة آلاف من سبط روبيل ولاوي واثني عشر ألفا من سائر بني إسرائيل وانطلق حتى قدم أرض بابل .
قال إسحاق بن بشر قال وهب بن منبه فلما فعل ما فعل قيل له كان لهم صاحب يحذرهم ما أصابهم ويصفك وخبرك لهم ويخبرهم أنك تقتل مقاتلتهم وتسبي ذراريهم وتهدم مساجدهم وتحرق كنائسهم فكذبوه واتهموه وضربوه وقيدوه وحبسوه فأمر بخت نصر فأخرج أرميا من السجن فقال له أكنت تحذر هؤلاء القوم ما أصابهم قال نعم قال فإني علمت ذلك قال أرسلني الله إليهم فكذبوني قال كذبوك وضربوك وسجنوك قال نعم قال بئس القوم قوم كذبوا نبيهم وكذبوا رساله ربهم فهل لك أن تلحق