خطب على المنبر يوم الجمعة وآخر خليفة جالس الجلساء ووصل إليه الندماء وآخر خليفة كانت نفقته وجوائزه وعطاياه وجراياته وخزائنه ومطابخه ومجالسه وخدمه وأصحابه وأموره كلها تجري على ترتيب المتقدمين من الخلفاء وقال غيره كان فصيحا بليغا كريما جوادا ممدحا ومن جيد كلامه الذي سمعه منه محمد بن يحيى الصولي لله أقوام هم مفاتيح الخير وأقوام هم مفاتيح الشر فمن أراد الله به خيرا قصده أهل الخير وجعله الوسيلة إلينا فنقضي حاجته وهو الشريك في الثواب والأجر والشكر ومن أراد الله به شرا عدل به إلى غيرنا وهو الشريك في الوزر والإثم والله المستعان على كل حال ومن ألطف الإعتذارات ما كتب به الراضي إلى أخيه المتقي وهما في المكتب وكان المتقي قد اعتدى على الراضي والراضي هو الكبير منهما فكتب بسم الله الرحمن الرحيم أنا معترف لك بالعبودية فرضا وأنت معترف لي بالأخوة فضلا والعبد يذنب والمولى يعفو وقد قال الشاعر ... يا ذا الذي يغضب من غير شي ... اعتب فعتباك حبيب إلي ... أنت على أنك لي ظالم ... أعز خلق الله طرا علي ... .
قال فجاء إليه أخوه المتقي فأكب عليه يقبل يديه وتعانقا واصطلحا ومن لطيف شعره قوله فيما ذكره ابن الأثير في كامله .
... يصفر وجهي إذا تأمله ... طرفي ويحمر وجهه خجلا ... حتى كأن الذي بوجنته ... من دم جسمي إليه قد نقلا ... .
قال ومما رثا به أباه المقتدر .
... ولو أن حيا كان قبرا لميت ... لصيرت أحشائي لأعظمه قبرا ... ولو أن عمري كان طوع مشيئتي ... وساعدني المقدور قاسمته العمرا ... بنفسي ثرى ضاجعت في تربة البلى ... لقد ضم منك الغيث والليث والبدرا ... ومما أنشده له ابن الجوزي في منتظمه ... لا تكثرن لومي على الإسراف ... ربح المحامد متجر الأشراف ... أحوي لما يأتي المكارم سابقا ... وأشيد ما قد أسست أسلافي ... إني من القوم الذين أكفهم ... معتادة الإملاق والإتلاف ... ومن شعره الذي رواه الخطيب عنه من طريق أبي بكر محمد بن يحيى الصولي النديم قوله ... كل صفو إلى كدر ... كل أمن إلى حذر ... ومصير الشباب للمو ... ت فيه أو الكبر ... در در المشيب من ... واعظ ينذر البشر