الله في قلبه وحدث نفسه بالمسير اليهم لما أراد الله أن ينتقم به منهم فأوحى الله إلى أرميا إني مهلك بني إسرائيل ومنتقم منهم فقم على صخرة بيت المقدس يأتيك أمري ووحيي فقام أرميا فشق ثيابه وجعل الرماد على رأسه وخر ساجدا وقال يا رب وددت أمي لم تلدني حين جعلتني آخر أنبياء بني إسرائيل فيكون خراب بين المقدس وبوار بني إسرائيل من أجلي فقال له ارفع رأسك فرفع رأسه فبكى ثم قال يا رب من تسلط عليهم فقال عبدة النيران لا يخافون عقابي ولا يرجون ثوابي قم يا أرميا فاستمع وحيى أخبرك خبرك وخبر بني إسرائيل من قبل أن أخلقك اخترتك ومن قبل أن أصورك في رحم أمك قدستك ومن قبل أن أخرجك من بطن أمك طهرتك ومن قبل أن تبلغ نبأتك ومن قبل أن تبلغ الأشد اخترتك ولأمر عظيم أجتبيتك فقم مع الملك تسدده وترشده فكان مع الملك يسدده ويأتيه الوحي من الله حتى عظمت الأحداث ونسوا ما نجاهم الله به من عدوهم سنحاريب وجنوده فأوحى الله إلى أرميا قم فاقصص عليهم ما آمرك به وذكرهم نعمتي عليهم وعرفهم أحداثهم فقال أرميا يا رب اني ضعيف إن لم تقوني عاجز إن لم تبلغني مخطىء إن لم تسددني مخذول إن لم تنصرني ذليل إن لم تعزني فقال الله تعالى أو لم تعلم ان الأمور كلها تصدر عن مشيئتي وأن الخلق والأمر كله لي وأن القلوب والألسنة كلها بيدي فاقلبها كيف شئت فتطيعني فانا الله الذي ليس شيء مثلي قامت السموات والأرض وما فيهن بكلمتي وانه لا يخلص التوحيد ولم تتم القدرة إلا لي ولا يعلم ما عندي غيري وأنا الذي كلمت البحار ففهمت قولي وأمرتها ففعلت أمري وحددت عليها حدودا فلا تعدو حدي وتأتي بأمواج كالجبال فإذا بلغت حدي ألبستها مذلة لطاعتي وخوفا واعترافا لأمري واني معك ولن يصل اليك شيء معي واني بعثتك إلى خلق عظيم من خلقي لتبلغهم رسالاتي فتستوجب لذلك أجر من اتبعك ولا ينقص ذلك من أجورهم شيئا انطلق إلى قومك فقم فيهم وقل لهم ان الله قد ذكركم بصلاح آبائكم فلذلك استبقاكم يا معشر أبناء الأنبياء وكيف وجد آباؤكم مغبة طاعتي وكيف وجدتم مغبة معصيتي وهل وجدوا أحدا عصاني فسعد بمعصيتي وهل علموا أحدا اطاعني فشقى بطاعتي ان الدواب اذا ذكرت أوطانها الصالحة نزعت اليها وان هؤلاء القوم رتعوا في مروج الهلكة وتركوا الأمر الذي به أكرمت آباءهم وابتغوا الكرامة من غير وجهها أما أحبارهم ورهبانهم فاتخذوا عبادي خولا يتعبدونهم ويعملون فيهم بغير كتابي حتى أجهلوهم أمري وأنسوهم ذكري وسنتي وعزوهم عني فدان لهم عبادي بالطاعة التي لا تنبغي الا لي فهم يطيعونهم في معصيتي .
وأما ملوكهم وأمراؤهم فبطروا نعمتي وآمنوا مكري وغرتهم الدنيا حتى نبذوا كتابي ونسوا عهدي فهم يحرفون كتابي ويفترون على رسلي جرأة منهم على وغرة بي فسبحان جلالي وعلو مكاني وعظمة شأني هل ينبغي أن يكون لي شريك في ملكي وهل ينبغي لبشر أن يطاع في معصيتي وهل ينبغي لي