وقد ذكرنا ترجمته في التكميل وذكرنا ثناء الأئمة عليه وفيها توفي محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن العنبس الضميري الشاعر كان دينا كثير الملح وكان هجاء ومن جيد شعره قوله ... كم عليل عاش من بعد يأس ... بعد موت الطبيب والعواد ... قد تصاد القطا فتنجو سريعا ... ويحل البلاء بالصياد ... .
ثم دخلت سنة ست وسبعين ومائتين في المحرم منها أعيد عمرو بن الليث إلى شرطة بغداد وكتب اسمه على الفرش والمقاعد والستور ثم أسقط اسمه عن ذلك وعزل وولى عبيدالله بن طاهر وفيها ولى الموفق لابن أبي الساج نيابة أذربيجان وفيها قصد هارون الشاري الخارجي مدينة الموصل فنزل شرقيها فحاصرها فخرج إليه أهلها فاستأمنوه فأمنهم ورجع عنهم وفيها حج بالناس هارون بن محمد العباسي أمير الحرمين والطائف ولما رجع حجاج اليمن نزلوا في بعض الأماكن فجاءهم سيل لم يشعروا به فغرقهم كلهم لم يفلت منهم أحد فإنا لله وإنا إليه راجعون وذكر ابن الجوزي في منتظمه وابن الأثير في كاملة أن في هذه السنة انفرج تل بنهر الصلة في أرض البصرة يعرف بتل بني شقيق عن سبعة أقبر في مثل الحوض وفيها سبعة أبدان صحيحة أجسادهم وأكفانهم يفوح منهم ريح المسك أحدهم شاب وله جمة وعلى شفته بلل كأنه قد شرب ماء الآن وكأن عينيه مكحلتان وبه ضربة في خاصرته وأراد أحدهم أن يأخذ من شعره شيئا فإذا هو قوي الشعر كأنه حي فتركوا على حالهم وممن توفي فيها من الأعيان أحمد بن حازم بن أبي عزرة الحافظ صاحب المسند المشهور له حديث كثير وروايته عالية وفيها توفي .
بقي بن مخلد أبو عبدالرحمن الأندلسي الحافظ الكبير له المسند المبوب على الفقه روى فيه عن ألف وستمائة صحابي وقد فضله ابن حزم على مسند الإمام أحمد بن حنبل وعندي في ذلك نظر والظاهر أن مسند أحمد أجود منه وأجمع وقد رحل بقي إلى العراق فسمع من الإمام أحمد وغيره من أئمة الحديث بالعراق وغيرها يزيدون على المائتين بأربعة وثلاثين شيخا وله تصانيف أخر وكان مع ذلك رجلا صالحا عابدا زاهدا مجاب الدعوة جاءته امرأة فقالت إن ابني قد أسرته الإفرنج وإني لا أنام الليل من شوقي إليه ولي دويرة أريد أن أبيعها لأستفكه فان رأيت أن تشر على أحد يأخذها لأسعى في فكاكه بثمنها فليس يقر لي ليل ولا نهار ولا أجد نوما ولا صبرا ولا قرارا ولا راحة فقال نعم انصرفي حتى أنظر في ذلك إن شاء الله وأطرق الشيخ وحرك شفتيه يدعو