الكثيرة وكان بارعا في اللغة اشتغل فيها على أبي عبيد والأصمعي وأكثر الرواية عن أبي ريد الأنصاري وأخذ عنه المبرد وابن دريد وغيرهما وكان صالحا كثير الصدقة والتلاوة كان يتصدق كل يوم بدينار ويقرأ في كل أسبوع بختمة وله شعر كثير منه قوله ... أبرزوا وجهه الجميل ... ولاموا من افتتن ... لو أرادوا صيانتي ... ستروا وجهه الحسن ... كانت وفاته في المحرم وقيل في رجب من هذه السنة .
ثم دخلت سنة تسع وأربعين ومائتين .
في يوم الجمعة للنصف من رجب التقي جمع من المسلمين وخلق من الروم بالقرب من ملطية فاقتتلوا قتالا شديدا قتل من الفريقين خلق كثير وقتل أمير المسلمين عمر بن عبدالله بن الأقطع وقتل معه ألفا رجل من المسلمين وكذلك قتل علي بن يحيى الأرمني وكان أميرا في طائفة من المسلمين أيضا فإنا لله وإنا إليه راجعون وقد كان هذان الأميران من أكبر أنصار الإسلام ووقعت فتنة عظيمة ببغداد في أول يوم من صفر منها وذلك أن العامة كرهوا جماعة من الأمراء الذين قد تغلبوا على أمر الخلافة وقتلوا المتوكل واستضعفوا المنتصر والمستعين بعده فنهضوا إلى السجن فأخرجوا من كان فيه وجاؤا إلى أحد الجسرين فقطعوه وضربوا الآخر بالنار وأحرقوا ونادوا بالنفير فاجتمع خلق كثير وجم غفير ونهبوا أماكن متعددة وذلك بالجانب الشرقي من بغداد ثم جمع أهل اليسار أموالا كثيرة من أهل بغداد لتصرف إلى من ينهض إلى ثغور المسلمين لقتال العدو عوضا عن من قتل من المسلمين هناك فأقبل الناس من نواحي الجبال وأهواز وفارس وغيرها لغزو الروم وذلك أن الخليفة والجيش لم ينهضوا إلى بلاد الروم وقتال أعداء الإسلام وقد ضعف جانب الخلافة واشتغلوا بالقيان والملاهي فعند ذلك غضبت العوام من ذلك وفعلوا ما ذكرنا ولتسع بقين من ربيع الأول نهض عامة أهل سامرا إلى السجن فأخرجوا من فيه أيضا كما فعل أهل بغداد وجاءهم قوم من الجيش يقال لهم الزرافة فهزمتهم العامة فعند ذلك ركب وصيف وبغا الصغير وعامة الأتراك فقتلوا من العامة خلقا كثيرا وجرت فتن طويلة ثم سكنت وفي منتصف ربيع الآخر وقعت فتنة بين الأتراك وذلك أن المستعين قد فوض أمر الخلافة والتصرف في أموال بيت المال إلى ثلاثة وهم أتامش التركي وكان أخص من عند الخليفة وهو بمنزلة الوزير وفي حجره العباس بن المستعين يربيه ويعلمه الفروسية وشاهك الخادم وأم الخليفة وكان لا يمنعها شيئا تريده وكان لها كاتب يقال له سلمة بن سعيد النصراني فأقبل أتامش فأسرف في أخذ الأموال حتى لم يبق ببيت المال شيئا فغضب الأتراك من ذلك وغاروا منه فاجتمعوا