مات أحمد بن حنبل اغتممت غما شديدا فرأيته في المنام وهو يتبختر في مشيته فقلت له يا أبا عبد الله أى مشية هذه فقال مشية الخدام في دار السلام فقلت ما فعل الله بك فقال أغفر لي وتوجني وألبسنى نعلين من ذهب وقال لي يا أحمد هذا بقولك القرآن كلامي ثم قال لي يا أحمد ادعنى بتلك الدعوات التي بلغتك عن سفيان الثوري وكنت تدعو بهن في دار الدنيا فقلت يارب كل شيء بقدرتك على كل شيء اغفر لي كل شيء حتى لا تسألنى عن شيء فقال لي يا أحمد هذه الجنة قم فادخلها فدخلت فاذا أنا بسفيان الثوري وله جناحان أخضران يطير بهما من نخله إلى نخلة ومن شجرة إلى شجرة وهو يقول الحمد لله الذي أورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العالمين قال فقلت له ما فعل بشر الحافي فقال بخ بخ ومن مثل بشر تركته بين يدي الجليل وبين يديه مائدة من الطعام والجليل مقبل عليه وهو يقول كل يامن لا يأكل واشرب يا من لم يشرب وانعم يا من لم ينعم أو كما قال وقال أبو محمد بن أبي حاتم عن محمد بن مسلم ابن وارة قال لما مات أبو زرعة رأيته في المنام فقلت له ما فعل الله بك فقال قال الجبار ألحقوه بأبي عبد الله وأبي عبد الله وأبي عبد الله مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وقال أحمد بن خرزاد الانطاكي رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت وقد برز الرب جل جلاله لفصل القضاء وكأن مناديا ينادي من تحت العرش أدخلوا أبا عبد الله وأبا عبد الله وأبا عبد الله الجنة قال فقلت لملك إلى جنبي من هؤلاء فقال مالك والثوري والشافعي وأحمد بن حنبل وروى أبو بكر بن أبي خيثمة عن يحي بن أيوب المقدسي قال رأيت رسول الله A في النوم وهو نائم وعليه ثوب مغطى به وأحمد بن حنبل ويحي بن معين يذبان عنه وقد تقدم في ترجمة احمد بن ابي دؤاد عن يحيى الجلاء انه رأى كأن احمد بن حنبل في حلقة بالمسجد الجامع وأحمد بن أبي داؤد في حلقة أخرى وكأن رسول الله A واقف بين حلقتين وهو يتلو هذه الآية فإن يكفر بها هؤلاء ويشير إلى حلقة ابن أبي داؤد فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين ويشير إلى أحمد بن حنبل وأصحابه .
ثم دخلت سنة ثنتين وأربعين ومائتين .
فيها كانت زلازل هائلة في البلاد فمنها ما كان بمدينة قومس تهدمت منها دور كثيرة ومات من أهلها نحو من خمسة وأربعين ألفا وستة وتسعين نفسا وكانت باليمن وخراسان وفارس والشام وغيرها من البلاد زلازل منكرة وفيها أغارت الروم على بلاد الجزيرة فانتبهوا شيئا كثيرا وأسروا نحوا من عشرة آلاف من الذراري فإنا لله وإنا إليه راجعون وفيها حج بالناس عبد الصمد بن موسى بن إبراهيم الامام بن محمد بن على نائب مكة .
وفيها توفي من الأعيان الحسن بن على بن الجعد قاضي مدينة المنصور